|


الشريدة.. دافع بصخب ورحل بهدوء

الرياض - عبدالرحمن عابد 2019.10.08 | 01:58 pm

قال الشاعر العراقي العباسي ابن نباتة السعدي قبل أكثر من ألف عام: "تعددت الأسباب والموت واحد"، فيما صُدم الشارع الرياضي السعودي برحيل عبدالله الشريدة مدافع الهلال في حقبة التسعينات، أمس الإثنين، إثر أزمة قلبية مفاجئة تعرض لها بعد أداء صلاة المغرب.



هناك في المنطقة الشرقية، وُلد عبدالله مبارك شريدة الدوسري يوم 7 أكتوبر 1969 في مدينة الخبر، وسط عائلة متوسطة الدخل، ومثل باقي زملائه، كان مهووسًا باللعبة الشعبية الأولى في العالم، لدرجة أنه أسقط الدراسة من حساباته، بنسيان وتجاهل تأدية واجباته المنزلية، بالذات مادة الرياضيات، التي لم تكن مفضلة أبدًا لديه، ورغم ذلك كانت سببًا في احترافه كرة القدم، بعدما استمع لنصيحة أستاذ المادة الذي قال له: "بني ركّز على كرة القدم"، وهي النصيحة التي أخذته إلى قمة المجد في الملاعب السعودية.



نجح الشريدة مع القادسية في تحقيق 3 كؤوس بين 1988-1995، إلا أنه اكتسب شهرة على نطاق واسع بعد انتقاله إلى صفوف زعيم الرياض، خاصة بعد انسجامه مع زميله المدافع الزامبي ليتانا، ولكنه كان نادرًا ما يظهر في لقاءات إعلامية، حتى بعد اعتزاله عام 2005، ما كبده خسائر فادحة، وصلت لحد إطلاق شائعات وفاته إثر إصابته في الرأس بكوع شهير من أوهين كينيدي لاعب النصر السابق، فيما بقي مغمياً عليه بالمشفى عدة أيام، بينما رفض إخوانه استقبال زيارة المهاجم الغاني آنذاك.



بعيدًا عن رباطة الجأش والروح القتالية التي كانت تميزه عن باقي المدافعين، فالشريدة كان بمثابة تميمة الحظ بالنسبة لجماهير الموج الأزرق، لسجله الحافل مع المباريات النهائية، التي لم يخسره منها سوى واحدة طيلة مسيرته الكروية، حين هُزم أمام الشباب في نهائي كأس ولي العهد عام 1999، في المقابل حقق مع الزعيم 25 بطولة متنوعة ما بين محلية، وخليجية وعربية وقارية، على مدار عقد من الزمن.



لُقب الشريدة في مسيرته الاحترافية بالمدافع "الجزار"، بسبب بنيته الجسدية القوية وشراسته في تدخلاته على منافسيه بدون إيذاء، إلا مرة واحدة، وحدثت بالخطأ، حين تسبب في إصابة زميله ماجد عبد الله بابتلاع لسانه، بتسديد الكرة في وجه أسطورة النصر، ليسقط الأخير على الأرض مغشيًا عليه، ولولا لطف الله ثم مهارة طبيب الهلال برنابوك، لحدثت كارثة في ديربي الرياض 1997.



لم يجد الشريدة الذي رحل عن الدنيا عن عمر يناهز 50 عاماً، فرصة حقيقية للعمل في الحقل التدريبي أو الإعلامي كما ينبغي بعد اعتزاله، إلا في بعض المباريات المحلية من حين إلى آخر، لكنه رفض أن يبتعد عن لعبته المفضلة، فافتتح مكتباً لتعاقدات اللاعبين 2007، ليبقى مصدر رزقه الوحيد، بعيدًا عن الأضواء والكاميرات ومنصات السوشيال ميديا، إلى أن فارقنا مساء أمس في صمت كبير.



كان أول من تفاعل مع الخبر الحزين، أيقونة الهلال يوسف الثنيان، معترفًا أن الشريدة كان أكثر من ساعده لكسب هذه الشهرة الطاغية، بفضل تضحياته على مستوى الدفاع، وأيضًا صالح النعيمة بعث أحر التعازي إلى أسرة الشريدة في تغريدة على "تويتر"، وهو نفس الشيء الذي فعله ياسر القحطاني وغالبية مشاهير كرة القدم والمتابعين، حتى الداعية عائض القرني غير المهتم باللعبة دعا للشريدة في "تغريدة"، ما يعكس السيرة العطرة التي خلفها ورائه.