|




أحمد الحامد⁩
المقهى المقابل للمستشفى
2019-10-25
أجلس في المقهى المقابل للمستشفى العسكري في الرياض، بعد نصف ساعة يسمح بزيارة المرضى، حيث يرقد شاعرنا الكبير مسفر الدوسري منذ أسابيع على سرير ملأه بالصبر والشجاعة والابتسامة، واجتمع حوله كل أصدقائه الذين زرع في قلوبهم محبته الصافية، قررت أن أنتظر في المقهى حتى يبدأ موعد الزيارة.
وما إن نظرت إلى حبات القهوة حتى تذكرت كيف بدأ عصر القهوة في الولايات المتحدة الأمريكية، التي أطلق تجارها لاحقاً لكل العالم أشهر المحلات المختصة بالقهوة وعشرات المشروبات المستخرجة من الحبوب الصغيرة.
لم تكن للقهوة كل هذه الحظوة في القارة الشمالية، كانت شراباً غير منتشر ويعاني مزارعو القهوة من قلة الإقبال على منتوجهم، حتى إن بعض ملاك الأراضي باعوا مزارع البن التي كانوا يملكونها، كان الشاي الإنجليزي هو المشروب الأول للأمريكان، ما إن بدأت حرب الاستقلال وانتفض الأمريكان في وجه مستعمرهم، حتى بدأ الإنجليز بحصارهم ومنعهم من التمتع بالشاي عقاباً لهم على تطاولهم وجحودهم، ولأن مع كل أزمة هناك فرصة لمستفيد ما، كما في كرة القدم، إصابة لاعب أساسي تعني فرصة كبيرة للاعب كان ينام على دكة الاحتياط شهوراً طويلة تصل إلى سنوات، قفزت القهوة من دكة الاحتياط بعد حصار الإنجليز، ومنذ ذلك الوقت والقهوة هي اللاعب الأساسي عند الأمريكان الذين أثبتوا مهارتهم في تسويق هذا المنتج المدر للأرباح الخيالية، أحد بائعي القهوة قال لي يوماً: “في حدا بيتاجر مع المي وبيخسر”؟!، أي أن شراب القهوة يتكون من الكثير من الماء والقليل من مسحوق القهوة، حاول الإنجليز أن يعيدوا لمشروبهم مكانته لكنهم وجدوا أن الأمريكان استثمروا مساحات شاسعة لزراعة حبوب القهوة التي انتشرت في كل مكان وأدركوا حينها أن حصارهم جاء بنتيجة سلبية على مشروب الشاي الإنجليزي في أمريكا، استمرت إلى غاية يومنا هذا، أحد المقاهي الأمريكية لديها 16000 فرع منتشرة في جميع أنحاء العالم، ومن ضمنها هذا المقهى الذي أجلس به وتشير ساعته المعلقة على جداره إلى الخامسة مساءً، وهي الساعة التي يسمح بها بالزيارة في المستشفى، سأذهب لأرى جمال مسفر، وأسأل الله أن أجتمع معه خارج المستشفى في أقرب وقت.. يارب.