|


فهد عافت
رسالة إلى كاتب مبتدئ!
2019-11-12
ـ لتكتب: اقرأ. هذه مسألة مفروغ منها، مثلها مثل.. لتلعب: تمرّن!.
ـ ثم إنه يجب أن يكون لديك شيء تريد قوله لتقوله. شيء مهم أو جديد ويُمكنه الإضافة إلى ما سبق. قد لا يكون الأمر كذلك في الحقيقة، لكن يجب أن يكون لديك هذا الاعتقاد وإلّا فلا فائدة مرجوّة!.
ـ من الفقرة السابقة أستثني الشعر!. وحده فن الشعر يُمكنه قلب المعادلة، وركل النصيحة باستهانة تامّة!. في الشعر، ومعه، من الأطيب أن تنطلق حين لا يكون لديك شيء محدد تريد قوله!. بقيّة أنواع الكتابة في جهة والشعر في جهة!.
ـ .. ولكنني أتحدث بشكل شبه محدد عن كتابة المقال، أو المقالة.."إلى هذه اللحظة لا أعرف أيهما الأصح: التذكير أم التأنيث!، مع إحساس خاص يُفضّل التأنيث"!.
ـ تتيح لك القراءة التعرف على أشكال عديدة متنوّعة من الكتابة. الجيّد المشوّق من هذه الأشكال سوف يسكنك دون عناء. لا تقلق من التأثّر، وأنت إذا كنت في بداياتك المبكرة فإن التأثّر يأخذ شكل التقليد، ونصيحتي ألا تلتفت لمن يعيب عليك هذا، لكن لنحدد الأمر أكثر:
ـ لا أتحدث عن العُمر، وإنما عن البداية. لنفترض أنك بدأت اليوم، مرحلة البداية لن تنتهي بعد شهرين من الآن!، هي من وجهة نظري ممتدة إلى ما بين الخمس والسبع سنوات المقبلة، ليس أقل!. في هذه السنوات يصعب، وقد يكون مستحيلًا، التفريق بين التأثّر والتّقليد!. بناءً عليه، وخذها مني بعيدًا عن أي تنطّع قد تُلاقيه: قلِّد!.
ـ قلِّد الأساليب التي راقت لك، والتي أحسست أنها من روحك، وحتى لو أنك أُعجبت بأسلوب كاتب واحد، فإن ذلك لا يهم ولا يجب أن يقلقك: قلّده!. لكن استمر في القراءة!.
ـ الكتب تنفتح على بعضها، والأساليب تتداخل، وستجد حتمًا كتّابًا آخرين تروق لك أساليبهم في الكتابة. لا تستعجل، الأساليب الجميلة ستسكنك من تلقاء نفسها، فقط استمر في القراءة، وفي مرحلة البداية هذه، لا تهجر أبدًا أسلوب من تحب من الكُتّاب!. شيئًا فشيئًا، ستتقدم، الأصح أنه سيحدث أحد أمرين!.
ـ بعد خمس أو سبع سنوات بالكثير، ستكتشف أنك تشرّبت دون أن تدري أساليب ياما!. وأنك خلطتها وعجنتها وخبزتها معًا، وأن أسلوبك الخاص تبدّى وظهر وكشف عن وجهه من خلال عملية الخلط هذه ليس إلا!.
ـ أو أنك ستكتشف أمرًا مؤسفًا: لقد بقيت مقلّدًا لأسلوب كاتب ما، كاتب واحد، طغى عليك واستعمرك!. هنا عاتب أو عاقب نفسك بمصارحتها، لأن ذلك لم يحدث إلا لأنك بلا موهبة متفرّدة، وإمّا لأنك قتلت موهبتك بعدم مواصلتك القراءة!. بعدها قرر: تتوقّف، أو تستمر، لكن وفيما لو اخترت الثانية فتقبّل ما تلاقيه من توبيخ الآخرين لك، لأنك تستحقه!.
ـ كل ما حدّثتك عنه بخصوص البدايات، بما في ذلك تحديد زمنها، كان نصيحة الشاعر أحمد مطر لي في بداياتي، وقد كان أحمد مطر أول من نشر لي نصًّا. كنت في السابعة عشر من عمري، وكنت أقلّد نزار قباني خبط لصق!.
ـ نرجع الآن لأداة أخرى، ولسوف تستغرب من فائدتها فيما لو جرّبتها: القواميس!. أبقِ أكبر قدر ممكن من القواميس قريبًا منك أثناء الكتابة!. في أحيان كثيرة تحتاج إلى كلمة أدق مما لديك، تحس بذلك إحساسًا، هنا يأتي دور المرادفات التي يُمكن للقواميس توفيرها!.
ـ لا تنظر لهذا الأمر باستهانة، فأحيانًا، أحيانًا كثيرة، يمكن لكلمة واحدة تقع عليها في اللحظة المناسبة أن تُغيّر الموضوع بأكمله، أو أن تثريه بفكرة أو عاطفة فوق ما تتخيّل!.
ـ بقي من المساحة ما يسمح بنصيحة أخيرة: العاطفة على أهميتها، إلا أنها قاتلة!. اكتب بعاطفة لكن لا تكتب عاطفة!.
ـ أوضّح لك: لنفترض أنك تريد الكتابة عن فيلم سينما، أو عن قصيدة شعر، أو عن أغنية. ابتعد قدر الإمكان عن كلمات مثل: رائع، عظيم، مدهش، ساحر!. أنت هنا تنشر عاطفتك تجاه العمل، والعاطفة بالكاد، وفي درجتها الرفيعة العالية، تصل بك إلى تقديم رأي لا رؤية!. اكتب رؤيتك بحيث تجعلني أنا كقارئ أقول: عظيم.. رائع.. مدهش!.