|




تركي السهلي
الهلال الأخضر
2019-11-16
الجدل الدائر حول ما إذا كان الهلال يمثل الوطن في نهائي قارة آسيا للأندية الأبطال في نسخته الحالية 2019م، أم أنه لا فائدة منه ولا يمكن أن نجني منه سوى المزيد من التجاذب الكروي الحاد. لقد أخطأ الجميع بوضع الوطنية في ميزان الانتماء للأندية، ولا يُعقل أن نستمر في هكذا طرح ونترك المسألة الأعمق في التعامل مع كل ما يحوي الوطن من أطياف متعددة.
صحيح أن الانتصارات الرياضية ترفع من حالة الانتماء الوطني، لكن ذلك يقتصر على الانتصار الكُلّي لا ذلك الجزئي المعني به فئة محددة قد لا تمثل إلاّ شريحة صغيرة لا تمثّل الأغلبية. إن مشاركة الهلال في النهائي المرتقب تمثّل أهمية كبرى للحكومة عبر جهاز الهيئة العامة للرياضة وللجهة الأهلية المتمثّلة بالاتحاد السعودي لكرة القدم، وهذا أمر مفهوم ومبرر أيضاً، كون النادي الأزرق يقع تحت لوائهما ويحظى بدعمهما شأنه في ذلك شأن بقية الأندية السعودية، ويجب ألا يعني هذا الدعم الحكومي الجماهير وليس من المطلوب أن يصطف الجميع مع الفريق العاصمي في مرحلته الآسيوية الأخيرة، فالجماهير تتكوّن من مشارب متعددة وألوان لا تلتقي مع اللون الأزرق ولا يمكن لأحد أن يجعلها في صفه مهما كان الوضع. وأرى أن محاولات إلزام الآخرين بتأييد الهلال والوقوف معه خطأ جسيم، إذ لا يليق أن نشكّل ألون الناس في فرق كرة القدم لدينا بناءً على ما نرغب نحن لا ما يرغبون هم، فلكل حالته وقناعته الراسخة بمسببات التشجيع والرؤى الخاصة به التي بنى فيها انتماءه الكروي من مدد طويلة أو قصيرة حتى، وتبقى الأسباب في ذلك خاصة جداً ومعني بها الفرد ذاته، وهو من يحدد إلى أي اتجاه يرغب فيه أن يسير. لقد تولّدت كرة القدم في العالم كلّه من جوهر تناقضاتها وحالتها التنافسية الدائمة، ولو اختلفت عن هذا الأساس المكوّن لها لتوقفت عند حد معيّن وانصرف الناس إلى شؤونهم الحياتية الجادة، ومن هنا يُبقي صنّاع اللعبة الشعبية الأولى في العالم كرة القدم في هذه الخانة وتعزيز ذلك بترك المشجعين يعبرون عن حبهم لفرقهم بطريقتهم الطبيعية الخارجة من تفاعلات شديدة الوضوح وذات ظهور في غاية البساطة الإنسانية، ولم يعمد أي مسيّر للعبة إلى جعل الجماهير خارج المعادلة تحت أي ظرف. من هنا نقول إن ترك كل مشجع لا يرغب في تشجيع الهلال في وضعه المريح الذي اختاره وترك حالة الوطنية بعيدة عنه تماماً.