نجم.. حتى في وداعه
النهايات كم هي مزعجة.. وكم هي حزينة لحظات الوداع.. في كرة القدم اللاعب يتألم مرتين عندما يصاب وعندما يخلع القميص معتزلاً.. وإن كانت الأولى أهون لأن منحة العودة متاحة، إلا أن الثانية مؤلمة للاعب مرة ولعشاقه مئة مرة..
في أواخر الثمانينيات وفجر التسعينيات الميلادية في وسط الخبر وتحديداً في حي العقربية.. بزغ نجم في أزقتها التي تعج بالمولعين بكرة القدم.. لكنه كان يداعب الكرة بطريقة تفوق أقرانه.. لذا صال وجال من حارة إلى أخرى ومن ملعب لآخر.. يؤمن بما يريد.. ويؤمن والده بـ حلمه الوحيد.. أن يتخرج ابنه مهندسًا من جامعة البترول الشهيرة..
النجم المشاغب قاتل وانتزع رغبتهُ من والده.. يقول شقيقه عبد الحكيم: “كان ياسر مشاغبًا وموهوبًا.. لذلك وقفت معه واضطررت لأن أكذب على والدي بسببه”.. بزغ اسم ياسر القحطاني كالقنبلة التي دوت وسط كرتنا السعودية.. تلك القنبلة صداها كان مثيرًا عجيبًا.. تناقل خبرها مع الركبان وساروا بها في البلاد وبين العباد.. هذا المهاجم لن يكون لاعبًا عاديًّا أبدًا.. كان سهم اسم ياسر في أول الألفية الجديدة أخضر، لم يقبل أن يكون أحمر.. نقلته موهبته من قادسية الخبر إلى كتيبة الأخضر الذي عاد من الكويت محملاً بالذهب وكأس الخليج.. ونقله عشقه إلى هلال الرياض وحط هناك، حيث حطت به أوامر قلبه المحب لأزرق العاصمة.. حقق ما تمنى من البطولات.. أسهم القناص كانت في صيدها للأهداف وفيرة الحظ وكان عطاؤها غزيراً.. ولم يقف قوس ياسر عند كرة القدم.. بل كان مثيرًا في ميادين أخرى..
توقف ياسر عن الركض لكنه بقي في سجل الخالدين كروياً.. ولسان حال ملايينه يقولون: “يا عديل الروح خل الروح تسكن.. ترى شوفتك أقصى ما نبيها”.. ياسر ولد نجماً وظل نجماً حتى في وداعه.