|


فهد عافت
المسامح كريم
2019-12-01
- أمس، كان حديثنا عن توفيق الحكيم، وعن القارئ الذي كتب لكم، ويكتب اليوم، عن خطورة الخديعة المتمثّلة في قراءاتنا الأولى، وأننا فعليًا، لم نقرأ ما قرأنا!. وأنه يتوجّب علينا، فيما لو أردنا حكمًا منصفًا على الأقل.
العودة لقراءة ما سبق لنا أن قرأناه في بداياتنا، ولسوف نكتشف أن رحلتنا الممتدة في عالم القراءة أضافت الكثير من المفاهيم وأتاحت العديد من الزوايا التي يمكن لنا معها ملاقاة تلك النصوص والكتب وكأننا نلتقيها لأوّل مرّة!.
- ولأن القراءة، بالنسبة لي لا تخص ولا تعني الكُتُب فحسب، وأفهمها على أنها التأمّل في كل شيء، أتساءل: كم موقفًا مرّ بي، وبكم يا أحبّتي، وكانت المحصّلة مشاعر سلبيّة تجاه من شاركونا إياه، ثم ظلّتْ هذه المشاعر تحكمنا، وتحكم علاقتنا بهم، وموقفنا تجاههم؟!.
- ولا أرى إلا أنه من حقّنا على أنفسنا، قبل أن يكون ذلك من حقّهم علينا، إعادة قراءة تلك المواقف من جديد!.
- كل من تجاوز الأربعين، فيما أظن، يمكنه ملاحظة أنه صار أقل غضبًا، وحُرْقةً، وقدرةً على تحمّل الخطأ والخذلان من الغير، أكثر بكثير ممّا كان الأمر عليه وهو في العشرين من عمره أو أقلّ!.
- ففضلًا عن الخبرة والمعايشة التي جرّب فيها ورأى من الهفوات والتقصير والخذلان ما شكّل بالنسبة لديه درعًا يقي مشاعره من أهوال الغمّ والكآبة!، فإنه أيضًا، وبما صار لديه من فكر وما احتوته الأيام من دعوات للتّدبّر، صار قادرًا على عدم إعفاء نفسه وتبرئتها من الجِنَايَة!.
- ربّما كان ذنْب من خذلونا في مقتبل العمر، ذنْبهم الأكبر، أنهم فعلوا ذلك في "مقتبل العمر" لا أكثر!. ولعلّ الله منحنا من الأيّام ما يكفي لتكون لدينا فرصة كافية لقراءة المشهد من جديد!. والمسامح كريم!.
- أحيانًا، يُخيّل لي، أن الله سبحانه وتعالى ما أمدّ في أعمارنا، إلا إكرامًا لهم!، لهؤلاء الذين خذلونا في مقتبل العمر!، لنُعيد التفكير، ولنجد لهم من الأعذار والمبررات ما يكفي لمسامحتهم!، وكلّما فكّرتُ بالأمر على هذا النحو، خمّنتُ أنهم إنما مُنحوا هذه الفرصة في قلوبنا، بسبب خبيئةٍ بينهم وبين ربّهم، خبيئة طيّبة تقبّلها الله منهم، فأكرمنا بالأيام لنُكرمهم بالعفو من القلب وعن طيب خاطر!.
- كل خبرة ضوء، وكل إضاءة قادرة على صياغة الحدث بطريقة مختلفة!. وكل زمن حركة، وكل حركة قادرة على عرض المشهد من زاوية لم تكن متوفّرة من قبل!. وكل تأمّل: قراءة!.
- اللهم إني أُشهدك وأُشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدًا عبدك ورسولك، وأنني صفحت وعفوت عن كل من أساء لي، أو خذلني، السابق منهم واللاحق، لوجهك الكريم، اللهم وإني أسألك أن تُدخل بفضلك عملي هذا في باب حمدك وشكرك وأن تتقبّله مني. اللهم يا عالم الغيب والشهادة أنت تعلم أنهم ليسوا بحاجة صفحي وعفوي ولكنني بحاجة صفحك وعفوك. بمقالتي هذه وبما لا يدري به وعنه سواك، أقف في بابك.