|


فهد عافت
«يا شيخ طير»!
2019-12-02
- قالت الشجرة: لم تكن الريح عاتيةً أبدًا!، أنا التي كنتُ صغيرةً وضعيفةً، فكنتُ أهتزّ وأتمايل، وكنتُ أخشى على نفسي من السقوط، ولذلك كنتُ أشتم الرّيح، وأصفها بالخبيثة وأُكثر السّباب!.
- أمّا وقد كبرتُ بما فيه الكفاية، وتجذّرت عميقًا وأثمرتُ، وتطاوَلَت الغصون واخضّرت الأوراق حتى ظلّل بعضها بعضًا، وصار بإمكان من يريد أن يستظل بظلّها وأن يقطف من ثمرها، فليس أقلّ من الاعتراف، حمدًا وشكرًا لله وطلبًا لمغفرته وعفوه تعالى، ثم اعتذارًا من أيامي السابقة ولها: لم تكن الريح عاتيةً أبدًا، لو كانت كذلك لاقتُلِعتُ في يومٍ أسبق من هذا بكثير!.
•••
- كلمة نقولها لمن لا يطيب لنا كلامه، إمّا لِما نظنّه زيفًا واضحًا في الكلام وإمّا لما نظنّه خطأً فادحًا في الرأي:”يا شيخ طير”!.
- أفكّر في هذه الكلمة الدّعوة!، أجدها لائقة بمن نُحبّ لا بمن نَكْرَه!، بمن نحترم لا بمن نستبعد من، وعن، التقدير!.
- “يا شيخ طير” دعوة حلوة، كم أسأنا لها، وانتقصنا منها، بتوجيهها لمن لا نظنّ بهم القدرة على الطيران وتجميل الفضاء بالتحليق!.
- الأجدى أن نترك من لا نظنّ بهم القدرة إلا على الثبات والجمود أو النزول والهبوط في مكانهم ولشأنهم!. ما دمنا غير قادرين على مساعدتهم أو تحمّلهم، فليقل كل واحدٍ منّا لنفسه، موجّهًا الرسالة والدعوة إلى ذاته:”يا شيخ طير”، ثم يرتفع عاليًا، بعيدًا!. يناجي نفسه وينجو بها!.
- ثَمّة عبارات، لا أدري كيف ذهب معناها إلى ما ذهب إليه، بعيدًا عن الشّهيّ البهيّ المبثوث في صياغاتها، والأكثر قُرْبًا إلى الذهن فيما لو قِيلتْ بحِسّ أرحب. منها “يا شيخ طير” هذه التي تحدّثنا عنها، ومنها أيضًا: “فلان جاب العيد”!، ذلك الوصف الذي كان يستحق أن نُكرم أحبتنا، ومن يزرعون البهجة في نفوسنا به!. لكننا سحبناه من أُذُنيه إلى أرض جرداء!.
•••
- إن غَرِقْتَ في دموعك، فلسبب من سببين: إمّا لأنّك أَرَقْتَ دمعًا كثيرًا، وأَطَلْتَ البكاء زمنًا طويلًا، طويلًا، حتى صارت دموعك بحرًا، أو بُحَيْرَةً، قادرةً على إغراقك!. وإمّا لأنّك ضئيل، هزيل، قليل، لدرجة سَمَحَتْ لحالة بكاء واحدة قصيرة، في ليلة حزن عابِر، مِنْ إغراقك في شِبْرِ دمع!.