|


فهد عافت
القراءة أسلوب حياة!
2019-12-15
لا شيء يجعلك فخورًا بنفسك حقًّا أكثر من إحساسك بأنك فكّرت بعمق وشفافية حرّة، وتسامح كريم عادل، في الأمور والأشياء التي تمرّ بك وتمرّ بها، في الأمور والأشياء التي عشتها وتعيشها. وأن تكون محاكمة ما، حرّة ونزيهة، قد سبقت كل حكم لك على شيء أو أمر، محاكمة تستحق وقتها طويلًا كان أم قصيرًا!، المهم أنها كانت تستحق ذلك الوقت وأنه كان وقتًا مليئًا بالمعرفة والفكر والتأمّل والطهارة!.
- يكتب هيرمان هيسه في “سدهارتا”: “عندما يقرأ المرء،...، فإنه لا يحتقر الحروف وعلامات الترقيم”!.
لا يعتبرها قشورًا ولا ينظر لها على أنها عديمة النفع. تتمدّد منفعة قراءة الكتب، تصير أسلوب حياة وتصير طريقة تفكير!.
- هذه واحدة من أهم منافع القراءة: المتعة في تأمّل كل شيء!. كل شيء كتاب، فإن لم يكن فهو صفحات، أو صفحة، فإن لم يكن فهو عبارة، أو جملة، أو كلمة، أو حرف، فإن لم يكن فهو الفراغ بين الكلمات، ذلك الذي يسمح بقراءتها منفردة وجمعها في الذهن!. القارئ لا ينظر للفراغ على أنه عديم الجدوى وبلا فائدة!.
- كل ما في محفظتك ليس لك!. كل ما تخشى سرقته منك ليس لك!، لو كان لك حقًّا لما خِفْتَ من إمكانيّة السطو عليه، سرقته أو اختلاسه!. كل ما ينعدم أو ينقص بذهابه منك لغيرك هو في الحقيقة ليس لك!.
- لك ما لا تخشى فقده: التّقوى والمعرفة والفكر والحب!. لقد كان أوّل دروس الغانية “كامالا” للشابّ “سدهارتا” على النحو التالي: “يستطيع المرء أن يتسوّل ويشتري ويتلقّى الحب ويجده في الشوارع، ولكن الحب لا يُسرَق”!.
- كل معرفة لا تولّد ظمأً لمعرفة أخرى، أو أعمق، إنما هي جهل، أو زيادة فيه!.
- الموت يثبت أكثر من أي شيء آخر أن الإنسان ليس جسدًا فحسب!. وأن هناك على الأقل ما يُمكن تسميته بـ”النّفْس”. حين ماتت الغزالة التي كانت بمثابة الأُمّ لحيّ بن يقظان في “رواية” ابن طفيل، سهُل على حيّ بن يقظان معرفة ذلك!. شرّحها وأخرج أحشاءها، ولم يجد أن شيئًا “ماديًّا” قد نَقُص، لكنها لم تعد حيّة ولا نائمة!. عندها عرف الطفل أن شيئًا ما غير الجسد، وفوق المادّة، يشكّل الكائن الحيّ!.
- لكن ماذا عن الروح؟!. الطب لا يتحدث عن ذلك. حدوده المخّ وليس العقل!. العقل يؤكد وجود ما هو أبعد من النّفْس!. لو كانت النفس هي اللامادّة الوحيدة الموجودة في الإنسان، فما هو ذلك الشيء الذي يقودنا لمساءلة النّفْس ومحاورتها، وتحريضها أو منعها، وملامتها والامتنان لها؟!.
- لو لم يكن سوى النّفْس، لما غضب أحد من نفسه ولما ضاق بها ذرعًا!. كل إنسان تمرّ به لحظة يقول فيها: لا أطيق نفسي!. لو لم يكن هناك ما هو أعلى من النّفْس، لما تشكّل مثل هذا الإحساس، ولما قيل مثل هذا القول!. إنه لسان آخر، لسان ثالث لا من الجسد ولا من النفس، هو الذي يشير إليهما ويحكم عليهما!. حاجة لا يعرفها غير خالقها!.