|


فهد عافت
إيقاع!
2020-01-05
إلى اليوم، لم أقرأ كتابًا ولا كتابةً فيما يخص “القراءة السريعة”!. ولا أظن أنني سأفعل!.
- وكلّما حدّثني أحد عن هذا الموضوع مادحًا، غيّرتُ الحديث!. لا أعترض ولا أوافق ولا أي شيء آخر، فقط أُغيّر الحديث، أغيّره نهائيًا!. أستبدله بحكايات طريفة أو أحاديث عن الرياضة أو السينما، المهم أن يخلو الحديث من وعن أي كتاب!. من الداخل أقول: ليس هذا القارئ الذي يمكن لي الأخذ منه والرد عليه فيما يخص الكتابة والقراءة!.
- لا أقول إن مثل هذه النوعية من الناس ليسوا قرّاءً!. الإقصاء مسألة خطرة، وغالبًا ما تكون ظالمة. لكني أقول إن هذه النوعيّة من القرّاء لا تناسبني، ولكل منّا مناخه. القراءة بالنسبة لي ليست وجبات سريعة، ولا هي مدعاة للتفاخر بعدد الكتب المقروءة!.
- السرعة أو التمهّل في القراءة مسألة لا أُرجعها إلا إلى طبيعة الكتاب نفسه!. المسألة إحساس.. “ومنين أجيب إحساس للي ما يحس”!.
- أشعر أن كل كتابة تُحدّد، بالاتفاق الخفي مع قارئها، زمن الجملة والعبارة.
- المسألة تناغم إيقاعين، إيقاع النص وإيقاع القارئ!. وعليه فإن لكل كتاب زمن قراءة خاص به. بل وأكثر: لكل نسخة من نفس الكتاب زمنها القرائيّ الخاص بها!. ما أقرأه ليس ما تقرأه حتى ولو كنا نقرأ الكتاب نفسه!.
- من تُشغله حكاية السرعة في القراءة، إنما يريد العدد!. وبتحديد أكثر: يريد أن يتباهى بهذا العدد أمام الناس!. المباهاة قاتلة، ويا للأسى.. نحن في عصرها الذهبي!.
- أخشى ما أخشاه، أن تكون مثل هذه النوعية من الناس، في حياتها الطبيعية، غير قادرة على التفريق بين الأخ والقريب والحبيب والجار والصديق والزميل والمعرفة!. أو أن لا يكون لديها من الوقت ما يكفي لإعطاء كل ذي حق من هؤلاء حقّه!.
- ونعم، أعرف من الناس من لديه من المعارف أكثر مما يستوعبه العقل والوقت، لكنهم للأسف بلا أصدقاء حقيقيين!. يسمّون معارفهم العابرة أصدقاء!.
- ولأنهم لا يشعرون حقيقةً بعمق هذه الصداقة، فإنهم لا يتهمون فهمهم لطبيعة الصداقة، ويظنون أن العيب والخلل في كل هؤلاء الأصدقاء “الذين هم في الحقيقة معارف عابرة أو حتى افتراضية!”.
- ولأنهم يُبقون على فهمهم ساكنًا ونظرتهم ثابتةً، لا يجدون من الحلول إلا محاولة التعرف وبسرعة على عدد جديد من الناس، أكبر عدد ممكن!.