|


سعد الدوسري
إعادة التعليم للتعليم
2020-02-23
حين يكثر حديثنا عن البيئة المدرسية أو الجامعية، فلأننا ندرك بأنها هي الحاضنة لأبنائنا وبناتنا، معظم ساعات النهار، أثناء الفصلين الدراسيين الأول والثاني، لفترة قد تصل لأكثر من 8 أشهر، يتلقون من خلالها أكثر مما يتلقون في البيت.
ومعظمنا قد يثق بالمدرسة ثقة عمياءً، فلا يتابع ما يجري فيها من نشاطات، ربما تتعارض قيمها مع القيم التي يربي عليها ابنه أو ابنته. ويكون الضحية في النهاية هذا الطفل أو تلك الطفلة، لأن كل منهما سينشأ على قيم مزدوجة، لا يعرف أيها الصحيح، وأيها الخطأ. وحين يتخطى مرحلة الطفولة، ويتهيأ لدخول الجامعة، يجد نفسه أمام بيئة أخرى، تتصارع فيها قيم مختلفة، تتناسب مع بلوغه سناً أكثر إدراكاً. القاسم المشترك بينها جميعاً، محاولة الاستحواذ على عقلية هذا الكائن المسمى طالب أو طالبة، من قبل من يظنون أنفسهم أوصياء على العقل والمبادئ والمفاهيم.
في كل مرحلة وزارية تعليمية جديدة، نبدأ بنشر الهم المجتمعي العام للوزير الجديد، عبر مقالاتنا أو تغريداتنا. نحاول أن نساعده في فهم ما يجري خلف كل جدار مدرسي. نزوده بالتراكم التاريخي لعجز المناهج في التعبير عن أولئك المتزاحمين والمتزاحمات داخل الفصل. نلخص له معاناة الكادر التعليمي، ونقصر له المسافات في تشكيل الرؤية العامة للمشكل التعليمي في بلد يدرس فيه 6 ملايين طالب وطالبة. ودوماً يكون أصبع التحذير موجهاً نحو نمط التعليم، ذلك النمط الذي يرسل ولا يستقبل، نمط التلقين المشحون بالوصاية الأبوية التسلطية، على الرغم من أن الزمن تجاوز تلك الأنماط، واستبدلها بوسائل تفعل التواصل المتكافئ وتشجعه، لكونه هو المحفز للتفكير وللفهم وللاندماج مع التغيرات المتسارعة التي تحدث في العالم. ومع كل وزير، كنا نظن أننا سنصل لمبتغانا، إذ يبدأ مقتنعاً بما نقول، ثم يتراجع شيئاً فشيئاً عن قناعاته، متذرعاً بما يسمى “المحافظة على الخصوصية”، وهو الشعار الحق، الذي أريد به تأخير عجلة تطور التعليم والإعلام والصحة.
الأسبوع الماضي، أعفى وزير التعليم، الدكتور حمد آل الشيخ، عميد كلية الشريعة، لاستضافته مخالفين فكرياً. وهذا يثبت صحة ما نكرره دوماً، وهو أن مؤسسات التعليم تحتاج إلى عمل جبار، لتصفيتها من كل الشوائب المتجذرة فيها. ربما هذه الخطوة تفتتح ذلك العمل، وتكون خير بداية لإعادة التعليم للتعليم.