ـ قلّة من الناس من يذهبون إلى الفرصة، يطرقون بابها، فإن لم تفتح، دار الفطن منهم حول البيت للتأكّد من إمكانية القفز من النافذة!، وركل القوي منهم الباب ودخل!.
ـ الأكثريّة تنتظر الفرصة. ومن ينتظر يتحلطم!. وقد تأتي الفرصة لمثل هؤلاء وقد لا تأتي، لكنها حتى إنْ أَتَتْ، فإن قِلّة من هذه الأكثرية أيضًا، هم من يُمكن لهم اقتناصها. الأكثريّة من الأكثريّة إمّا أنهم يَعمون عنها فلا يرونها، أو يرونها لكنهم لا يتعرفون عليها ويظنونها شيئًا آخر!، أو يرونها ويتعرفون عليها لكن طول مقامهم أورثهم الكسل وأفقدهم المهارة فيعجزون عن قنصها!، أو أنهم يرونها ويتعرفون عليها ويُمسكون بها لكنهم لا يستفيدون منها!.
ـ الذين أضاعوا الفُرصة أكثر من العدّ، وأكثر منهم، ربما، أولئك الذين ضاعوا هُم من الفُرَصة!. وهذه حكاية واحدٍ منهم، أحكيها بطريقتي فأُنقِصُ وأزيد:...
ـ فقير وزوجته في كوخ خشب. ليس على لسانه سوى: “آهٍ.. لو تأتي الفرصة”، بعدها يتخيّل نفسه أفطن أهل الفطنة وأذكى الأذكياء، ويظل يحكي عمّا يمكن له فعله فيما لو أنّ “سِتّ الحُسْن” حَضَرْتْ!.
ـ على غصن شجرة قريبة من باب الكوخ، يحطّ طائر، ويغنّي: “يا مقرود.. طاحتْ سنّك.. جَتْك الفرصه وضاعتْ منّك”!. كانت هذه أغنية الطائر اليوميّة لا يغنّي فوق غصن تلك الشجرة غيرها، لكنه حين يحطّ على أغصان أشجار أخرى بعيدة، يترنّم بأغنيات مختلفة الأنغام ومتعددة المواضيع!. وقد تأكّد الفقير من ذلك بنفسه، ولذلك فقد اعتبر أنّ الأغنية إيّاها موجهة إليه شخصيًّا، فقرر قتل الطائر أو طرده على الأقل!.
ـ كانت الشجرة قريبة من الكوخ لدرجة ظنّ معها أنه لا يحتاج للنهوض. يمكنه رمي الطائر بحصاة كبيرة أو عصا غليظة ليتمكّن منه. جاء الطائر وغنّى: “يا مقرودْ.. طاحتْ سنِّكْ... جَتْكْ الفرصه وضاعت مِـ..”. وقبل أن يُلصق الطائر لسانه في سقف حلقه لإكمال حرف النون، كانت العصا الغليظة تتلوّى في الهواء باتجاهه، ففرّ هاربًا. لكن العصا لم تُصِب إلا سقف الكوخ الذي انهدّ على الشيخ الفقير وزوجته!.
ـ ورغم أنّ باب الكوخ وقع أيضًا، إلا أنه ظلّ القطعة الوحيدة المتماسكة والتي يُمكن حملها!. حملها الفقير وزوجته العجوز على ظهريهما، وراحا يمشيان في الغابة بحثًا عن ملجأ، ولمّا حلّ الليل ولم يجدا شيئًا، قررا تسطيح الباب فوق شجرتين، واستخدامه كسرير مرتفع يمنع عنهما شرّ الحيوانات المفترسة!.
ـ ناما، لكنهما أفاقا على أصوات تحت سريرهما العجيب هذا. أرخيا السمع، فإذا بمجموعة من اللصوص يتقاسمون سرقتهم، حسبما يرى زعيمهم. تراجفا من الخوف، فوقع الباب الذي صار سريرًا، بمن عليه، على اللصوص، الذين ظنوا أن الناس تلاحقهم فهربوا!. ولمّا خلص العجوزان من تأوهات ألم الوقوع، وجدا بين أيديهما صرّة دراهم!.
ـ صاح الزوج: جاءتْ الفرصة أخيرًا!. وقالت الزوجة: أخفض صوتك!. وعادا إلى كوخهما المهدود يحاولان إعادة بنائه. في الصباح ظلّت المرأة ترمّم في الكوخ، وذهب الرجل لشراء بقرة. فقد اتفقا على أن مشروع البقرة وبيع حليبها هو المشروع الأفضل.
ـ بكل ما لديه من دراهم اشترى البقرة، وبينما هو يجرّها عائدًا، رأى في الطريق فقيرًا يعزف نايًا والأطفال وأمّهاتهم يلاحقونه ويضعون في زوّادته دراهم!. قال “المقرود”: هذا، والله، المشروع الناجح وليس حليب البقرة!. وراح يتبع عازف الناي إلى أن استفرد به وعقد معه صفقة. البقرة مُقابِل الناي!.
ـ راح ينفخ في الناي فلا يخرج إلا صفيرًا حادّ النشاز. وراح الأطفال وأمهاتهم يرمونه بالتهكّم والحجارة!. هرب منهم، ووجد نفسه وحيدًا يشعر ببرد قارس. تلفّتَ فإذا برجل يلبس قفّازين. عقد صفقة جديدة: النّاي مُقابِل القفّازين!.
ـ مشى باتجاه الكوخ لكن المسافة طالت فقد غيّر طريقه أكثر من مرّة. هدّه التعب وأضناه. وحين رأى رجلًا يتوكّأ على عصاه، عقد صفقة: القفّازين مُقابِل العصا!.
ـ وصل أخيرًا إلى الكوخ وقد انتهت زوجته من إعادة بنائه. سألته فأخبرها!. لم تقدر على تخيّل أن ثروة الليل انتهت إلى عصا يُمكن قطعه من أي شجرة!. أخذت العصا، وضربته به، فإذا بأحد أسنانه يقفز من فمه في الهواء!. وإذا بالطائر على شجرته يغني: “يا مقرودْ طاحَتْ سِنّك.. جَتْكْ الفرصه وضاعتْ منّك”!.
ـ الأكثريّة تنتظر الفرصة. ومن ينتظر يتحلطم!. وقد تأتي الفرصة لمثل هؤلاء وقد لا تأتي، لكنها حتى إنْ أَتَتْ، فإن قِلّة من هذه الأكثرية أيضًا، هم من يُمكن لهم اقتناصها. الأكثريّة من الأكثريّة إمّا أنهم يَعمون عنها فلا يرونها، أو يرونها لكنهم لا يتعرفون عليها ويظنونها شيئًا آخر!، أو يرونها ويتعرفون عليها لكن طول مقامهم أورثهم الكسل وأفقدهم المهارة فيعجزون عن قنصها!، أو أنهم يرونها ويتعرفون عليها ويُمسكون بها لكنهم لا يستفيدون منها!.
ـ الذين أضاعوا الفُرصة أكثر من العدّ، وأكثر منهم، ربما، أولئك الذين ضاعوا هُم من الفُرَصة!. وهذه حكاية واحدٍ منهم، أحكيها بطريقتي فأُنقِصُ وأزيد:...
ـ فقير وزوجته في كوخ خشب. ليس على لسانه سوى: “آهٍ.. لو تأتي الفرصة”، بعدها يتخيّل نفسه أفطن أهل الفطنة وأذكى الأذكياء، ويظل يحكي عمّا يمكن له فعله فيما لو أنّ “سِتّ الحُسْن” حَضَرْتْ!.
ـ على غصن شجرة قريبة من باب الكوخ، يحطّ طائر، ويغنّي: “يا مقرود.. طاحتْ سنّك.. جَتْك الفرصه وضاعتْ منّك”!. كانت هذه أغنية الطائر اليوميّة لا يغنّي فوق غصن تلك الشجرة غيرها، لكنه حين يحطّ على أغصان أشجار أخرى بعيدة، يترنّم بأغنيات مختلفة الأنغام ومتعددة المواضيع!. وقد تأكّد الفقير من ذلك بنفسه، ولذلك فقد اعتبر أنّ الأغنية إيّاها موجهة إليه شخصيًّا، فقرر قتل الطائر أو طرده على الأقل!.
ـ كانت الشجرة قريبة من الكوخ لدرجة ظنّ معها أنه لا يحتاج للنهوض. يمكنه رمي الطائر بحصاة كبيرة أو عصا غليظة ليتمكّن منه. جاء الطائر وغنّى: “يا مقرودْ.. طاحتْ سنِّكْ... جَتْكْ الفرصه وضاعت مِـ..”. وقبل أن يُلصق الطائر لسانه في سقف حلقه لإكمال حرف النون، كانت العصا الغليظة تتلوّى في الهواء باتجاهه، ففرّ هاربًا. لكن العصا لم تُصِب إلا سقف الكوخ الذي انهدّ على الشيخ الفقير وزوجته!.
ـ ورغم أنّ باب الكوخ وقع أيضًا، إلا أنه ظلّ القطعة الوحيدة المتماسكة والتي يُمكن حملها!. حملها الفقير وزوجته العجوز على ظهريهما، وراحا يمشيان في الغابة بحثًا عن ملجأ، ولمّا حلّ الليل ولم يجدا شيئًا، قررا تسطيح الباب فوق شجرتين، واستخدامه كسرير مرتفع يمنع عنهما شرّ الحيوانات المفترسة!.
ـ ناما، لكنهما أفاقا على أصوات تحت سريرهما العجيب هذا. أرخيا السمع، فإذا بمجموعة من اللصوص يتقاسمون سرقتهم، حسبما يرى زعيمهم. تراجفا من الخوف، فوقع الباب الذي صار سريرًا، بمن عليه، على اللصوص، الذين ظنوا أن الناس تلاحقهم فهربوا!. ولمّا خلص العجوزان من تأوهات ألم الوقوع، وجدا بين أيديهما صرّة دراهم!.
ـ صاح الزوج: جاءتْ الفرصة أخيرًا!. وقالت الزوجة: أخفض صوتك!. وعادا إلى كوخهما المهدود يحاولان إعادة بنائه. في الصباح ظلّت المرأة ترمّم في الكوخ، وذهب الرجل لشراء بقرة. فقد اتفقا على أن مشروع البقرة وبيع حليبها هو المشروع الأفضل.
ـ بكل ما لديه من دراهم اشترى البقرة، وبينما هو يجرّها عائدًا، رأى في الطريق فقيرًا يعزف نايًا والأطفال وأمّهاتهم يلاحقونه ويضعون في زوّادته دراهم!. قال “المقرود”: هذا، والله، المشروع الناجح وليس حليب البقرة!. وراح يتبع عازف الناي إلى أن استفرد به وعقد معه صفقة. البقرة مُقابِل الناي!.
ـ راح ينفخ في الناي فلا يخرج إلا صفيرًا حادّ النشاز. وراح الأطفال وأمهاتهم يرمونه بالتهكّم والحجارة!. هرب منهم، ووجد نفسه وحيدًا يشعر ببرد قارس. تلفّتَ فإذا برجل يلبس قفّازين. عقد صفقة جديدة: النّاي مُقابِل القفّازين!.
ـ مشى باتجاه الكوخ لكن المسافة طالت فقد غيّر طريقه أكثر من مرّة. هدّه التعب وأضناه. وحين رأى رجلًا يتوكّأ على عصاه، عقد صفقة: القفّازين مُقابِل العصا!.
ـ وصل أخيرًا إلى الكوخ وقد انتهت زوجته من إعادة بنائه. سألته فأخبرها!. لم تقدر على تخيّل أن ثروة الليل انتهت إلى عصا يُمكن قطعه من أي شجرة!. أخذت العصا، وضربته به، فإذا بأحد أسنانه يقفز من فمه في الهواء!. وإذا بالطائر على شجرته يغني: “يا مقرودْ طاحَتْ سِنّك.. جَتْكْ الفرصه وضاعتْ منّك”!.