في فترة الحجر تخرج لي ذاكرتي العديد من المشاهد والمواقف وكأنها تريد تسليتي وأحيانًا معاقبتي
إذا ما كانت الذكرى يشوبها بعض الحزن، تذكرت أحد أقاربي الذي ارتبط في ذاكرتي بحادثة أصبحت عندي دليلًا على العدالة، وأن الظالم لا بد أن يأخذ جزاءه طال الزمان أو قصر، كنت في الثانية عشرة من عمري عندما زرته وإخوانه الأصغر في بيتهم، كان يكبرني بأربع سنوات، طلبت أمه منه أن يحضر لها حاجة من السوق وأرادني أن أصحبه في الطريق، بعد مئات الأمتار شاهدنا طفلاً هنديًّا صغيرًا عمره حوالي ست سنوات يلعب بدراجته الجديدة بكل سعادة ومرح، اقترب قريبي من الطفل وأوقعه من دراجته وحملها بيديه إلى الأعلى وضربها على الأرض بكل قوة، ثم صار يضرب الطفل وقام بركل الدراجة حتى أعطبها، كانت أنفاس الطفل تتقطع من بكائه ورعبه، ماذا.. هل يسأل أحدكم ولماذا لم تمنعه عن ما كان يفعله قريبك بهذا الطفل؟ حاولت منعه بكل ما أوتيت من قوة لكنني لم أستطع بسبب ضخامة جسده قياسًا بحجم جسدي آنذاك، كان يدفعني بعيدًا كلما حاولت أن أبعد يديه عن الطفل، كنت عاجزًا أمام جنونه وعنفه المفاجئ، لم أكن أظن بأنه يحمل كل تلك القسوة التي لا يحملها إلا المجرمون، تركنا الطفل وهو مستلق على الأرض بجانب دراجته ذات الشرائط الملونة وهي محطمة، كان طفلًا ذا بشرة سمراء، ضئيل الحجم، سألت قريبي لماذا فعلت ما فعلته بالطفل؟ لا أتذكر إجابته العبثية لكنني شعرت بأنني أسير بجانب وحش بشع، وصورة الطفل لا تفارقني ولا دموعه وما سال من أنفه، وصلنا إلى السوق واشترى ما أوصته عليه والدته، وأثناء عودتنا شاهد قريبي دراجة نارية متوقفة بجانب أحد البيوت فراح وركب على مقعدها، بعد ثوان قليلة خرج من البيت الذي توقفت الدراجة بجانبه أربعة من الشباب وهم يركضون نحو قريبي الذي حاول الهرب لكنهم أمسكوا به وبدؤوا بضربه، في الحقيقة أنني وطوال حياتي شاهدت بعض الذين يُضربون من قبل آخرين، لكنني لم أشاهد أحدًا ضرب كما ضرب قريبي ذاك، أتذكر كيف أمسك به اثنان من رأسه وأخفضا ظهره بينما الاثنان الآخران يركضان نحو قريبي ويركلان وجهه كما يركل اللاعب الكرة، بالإضافة لعشرات الركلات واللكمات التي غيرت ملامح وجهه وأسالت الدماء منه، هل يسأل أحدكم ولماذا لم تتدخل حتى تخلص قريبك لما كان يتعرض له؟ حاولت في البداية عندما قلت لهم لا.. اتركوه.. لم يفعل شيئًا لدراجتكم، للأمانة كانوا واضحين منذ البداية عندما قال أحدهم: ابق بعيدًا وإلا تعرضت للضرب كذلك.. ولذلك كنت مشاهدًا أوجه كلماتي نحوهم راجيًا أن يعفوا عنه كلما قسى عليه أحدهم بضربة ما أو كلما سمعته يتألم من ركلاتهم، لم يتركوه حتى شعروا بالتعب والملل، هكذا وجدت نفسي أساعده على النهوض من الأرض وأتجه به نجو المسجد القريب من بيته حتى يغسل الدماء من على وجهه، كان يتكئ علي بسبب ما يشعر به من تعب وآلام، كنت أنظر إلى وجهه وأتذكر وجه الطفل الصغير الذي ضربه قبل أقل من ساعة، إلى غاية اليوم وأنا أسأل عن نوع الدعوة التي توجهت بها والدة الطفل الصغير إلى الله واستجاب لها بهذه السرعة وبهذا الشكل..
إذا ما كانت الذكرى يشوبها بعض الحزن، تذكرت أحد أقاربي الذي ارتبط في ذاكرتي بحادثة أصبحت عندي دليلًا على العدالة، وأن الظالم لا بد أن يأخذ جزاءه طال الزمان أو قصر، كنت في الثانية عشرة من عمري عندما زرته وإخوانه الأصغر في بيتهم، كان يكبرني بأربع سنوات، طلبت أمه منه أن يحضر لها حاجة من السوق وأرادني أن أصحبه في الطريق، بعد مئات الأمتار شاهدنا طفلاً هنديًّا صغيرًا عمره حوالي ست سنوات يلعب بدراجته الجديدة بكل سعادة ومرح، اقترب قريبي من الطفل وأوقعه من دراجته وحملها بيديه إلى الأعلى وضربها على الأرض بكل قوة، ثم صار يضرب الطفل وقام بركل الدراجة حتى أعطبها، كانت أنفاس الطفل تتقطع من بكائه ورعبه، ماذا.. هل يسأل أحدكم ولماذا لم تمنعه عن ما كان يفعله قريبك بهذا الطفل؟ حاولت منعه بكل ما أوتيت من قوة لكنني لم أستطع بسبب ضخامة جسده قياسًا بحجم جسدي آنذاك، كان يدفعني بعيدًا كلما حاولت أن أبعد يديه عن الطفل، كنت عاجزًا أمام جنونه وعنفه المفاجئ، لم أكن أظن بأنه يحمل كل تلك القسوة التي لا يحملها إلا المجرمون، تركنا الطفل وهو مستلق على الأرض بجانب دراجته ذات الشرائط الملونة وهي محطمة، كان طفلًا ذا بشرة سمراء، ضئيل الحجم، سألت قريبي لماذا فعلت ما فعلته بالطفل؟ لا أتذكر إجابته العبثية لكنني شعرت بأنني أسير بجانب وحش بشع، وصورة الطفل لا تفارقني ولا دموعه وما سال من أنفه، وصلنا إلى السوق واشترى ما أوصته عليه والدته، وأثناء عودتنا شاهد قريبي دراجة نارية متوقفة بجانب أحد البيوت فراح وركب على مقعدها، بعد ثوان قليلة خرج من البيت الذي توقفت الدراجة بجانبه أربعة من الشباب وهم يركضون نحو قريبي الذي حاول الهرب لكنهم أمسكوا به وبدؤوا بضربه، في الحقيقة أنني وطوال حياتي شاهدت بعض الذين يُضربون من قبل آخرين، لكنني لم أشاهد أحدًا ضرب كما ضرب قريبي ذاك، أتذكر كيف أمسك به اثنان من رأسه وأخفضا ظهره بينما الاثنان الآخران يركضان نحو قريبي ويركلان وجهه كما يركل اللاعب الكرة، بالإضافة لعشرات الركلات واللكمات التي غيرت ملامح وجهه وأسالت الدماء منه، هل يسأل أحدكم ولماذا لم تتدخل حتى تخلص قريبك لما كان يتعرض له؟ حاولت في البداية عندما قلت لهم لا.. اتركوه.. لم يفعل شيئًا لدراجتكم، للأمانة كانوا واضحين منذ البداية عندما قال أحدهم: ابق بعيدًا وإلا تعرضت للضرب كذلك.. ولذلك كنت مشاهدًا أوجه كلماتي نحوهم راجيًا أن يعفوا عنه كلما قسى عليه أحدهم بضربة ما أو كلما سمعته يتألم من ركلاتهم، لم يتركوه حتى شعروا بالتعب والملل، هكذا وجدت نفسي أساعده على النهوض من الأرض وأتجه به نجو المسجد القريب من بيته حتى يغسل الدماء من على وجهه، كان يتكئ علي بسبب ما يشعر به من تعب وآلام، كنت أنظر إلى وجهه وأتذكر وجه الطفل الصغير الذي ضربه قبل أقل من ساعة، إلى غاية اليوم وأنا أسأل عن نوع الدعوة التي توجهت بها والدة الطفل الصغير إلى الله واستجاب لها بهذه السرعة وبهذا الشكل..