|


رياض المسلم
«متى أضع الكمامة.. تعرفوني»
2020-06-05
في حرب الخليج الثانية بداية التسعينيات الميلادية، عشت أيامها العصيبة طفلاً لكنيّ كنت مدركًا، شكّلت تلك المرحلة صورًا ومشاهد لدى من ارتمى في أحضانها، فمن ينسى إغلاق النوافذ بأكياس القمامة واللاصق على جوانبها، أو صوت صفارات الإنذار أو الكمامة العجيبة التي تخفي معالم من يرتديها.. ومحظوظ من تصل إليه..
لو سألت قادمًا من ذاك الزمان، عن موقف حدث له قريب لن يتذكره لكنه سيسرد لك قصصًا عن حرب الخليج وأدق تفاصيلها حلى لو كان الزهايمر قد طرق بابه..
حرب كورونا شبيهة بتلك الحقبة مع اختلاف الأسلحة، ولكن تدابير الوقاية تجعلنا نردد ما قاله دايم السيف، “يا شبيه صويحبي حسبي عليك”، ولكن التحسّب من باب الغضب وليس الحب كما كتب الفيصل..
أستغرب من يتذمر من ارتداء الكمامة القماشية أو الطبية، ويقول بأنه غير مرتاح فلا يلتزم، كم كنت أتمنى من هذا المتذمر أن يجرّب كمامة حرب الخليج وكيف يتبدل شكل الإنسان إلى كائن آخر، لو سمح إرفاق الصور مع المقالات لكانت أبلغ من الوصف بالأحرف الـ 28، ولكن هي القواعد الصحفية التي لا نتخطاها..
عندما تشاهد من يرتدي كمامة أزمة الخليج بالكاد تعرفه حتى لو كان أقرب المقربين، ولو ارتداها الحجاج بن يوسف لما ردد بيت الشعر الشهير: “متى أضع العمامة تعرفوني”..  الكمامات حاليًا خفيفة وشكلها جميل ولا تخفي معالم الشخص ومتوفرة بأسعار بسيطة وكميات كبيرة، ومن الممكن أن تصنع في المنازل وجهات عدة توفرها مجانًا، والأندية المحلية والعالمية بدأت في تصنيعها وتزيينها بشعارها وشركات الأزياء والملابس أدخلت الكمامة في خط إنتاج جديد. 
ارتداء الكمامة يحمينا بعد الله سبحانه من التعرض للفيروس، فعلميًّا أثبتت آخر الدراسات المختبرية أن الرذاذ المتطاير من المصاب هو الطريق الصحيح الخالي من التحويلات و”الصبات” لنقل العدوى، في حال كان الطرف الآخر في الطريق القصير إشارته خضراء ولم يصبغ اللون الأحمر عليها بارتداء الكمامة..
ندرك بأنه في السابق ذكر بأن ارتداء الكمامة ليس ضروريًّا، ولكن تبريرات المختصين بأنهم أمام فيروس جديد لا يعرفون سلوكياته، لذا فمن الواضح أن ارتداء الكمامة الوسيلة المثلى للتصدي للمرض فتمنع المصاب وتقي السليم.. تطبيق قرار المخالفة على المتهاونين جاء في وقته لردع المخالفين، فلا مجال في المغامرة في صحة المجتمع من أجل شخص غير مبال. فرض غرامات على من يخالف الأنظمة بعد ارتدائها قرار صحيح، فبعضهم لا تصله المعلومة إلا عندما يمس جيبه..