|


أحمد الحامد⁩
أغنية مكررة وفضاء موسيقي
2020-06-23
بدأت أميل إلى الاستماع للموسيقى على حساب الأغنية، استمعت لكل المقطوعات الموسيقة التي أعدها سراج عمر، أعمال موسيقية عذبة لحنتها السواقي، وكُتبت جملها الموسيقية بحلاوة باسقات القصيم.
ولو حاول القارئ الاستماع لهذه القطع الموسيقية فسيجد بأنها ممن شكل ذائقته الموسيقية لأنها كانت من ضمن الفواصل والخلفيات الموسيقية التي اعتمدها التلفزيون السعودي في الثمانينيات والتسعينيات الميلادية، ثم ذهبت إلى عالم “شوبان” الساحر، نقرات البيانو تشبه تساقط قطرات المطر المتلهفة لاحتضان الأرض، قد يكون رحيلي باتجاه الموسيقى من دلائل التقدم في العمر، أو أن الأغنية وبشكل كبير قد كررت نفسها للدرجة المملة، ما معنى أن يدور المغني في مواضيع محددة منذ عشرات السنين، الاشتياق.. الخيانة.. وطيبته التي ردها الحبيب بالخذلان، أو تحديه للحبيب الذي سيعود صاغرًا ونادمًا، كلها مواضيع إنسانية واقعية جميلة لكنها مكررة، لذلك انتصرت عندي الموسيقى لأنها فضاء ولغة يفهما الجميع، تمنيت لو أن بعض المغنين المشاهير توقفوا ليراجعوا محتوى ما قدموه، حتى لا يوقفوا الزمن عند حالات عاطفية محددة طالما أن العاطفة مفتوحة على كل شيء وتصل إلى كل شيء من شبابيك بيت الطفولة إلى حارات المدينة وصالات مطارات العالم وكل ما بينها، الأغنية يجب أن تتعدد في مواضيعها وهي في صورة ما تشبه الروايات ومؤلف الروايات لا يفترض عندما يكتب بأنه محدود في إطار معين، بل يكتب عن كل ما قد يصل إليه من مشاعر حتى لو صارت روايته عبارة عن اشتياقه للجدار الذي كان يستند عليه في طفولته وهدمه الزمن، لا يمكن للمغني أن يكون تاجرًا وفناناً في نفس الوقت، لكنه يستطيع أن يكون مغنيًا وتاجرًا معًا، حينها تكون للأغنية حسابات تجارية.. مثل الفئة العمرية المستهدفة، عدد كراسي الجمهور وإن كانوا درجة أولى أو ثانية أو ثالثة بالإضافة لأسعار التذاكر، أما الفنان فينظر عادة إلى الطريق الجديد الذي سيسلكه حتى يصل إلى أعماق جديدة في النفس، وإلى مشاعر مهجورة رغم أهميتها وتأثيرها.. الجميل في الموسيقى ولا يوجد في الأغنية الحالية أن الموسيقى هي الخلفية الصالحة والمتفقة دائمًا مع المشاعر، أما الأغنية فهي محدودة داخل إطار الموضوع الذي اختاره المغني، إلا إذا ما ظهر جيل جديد لا يريد أن يكون تكراراً ممن سبقوه وأن يأخذنا إلى فضاء غنائي جديد.