- رواية البُحيرة للياباني الحائز على نوبل “ياسوناري كاواباتا”، رواية صغيرة عجيبة، إنها “أدب” خالص، رغم أن أول عشرين صفحة منها “قلّة أدب”!.
- ليست رواية قصيرة جدًّا فحسب. لكنها رواية بسيطة جدًّا أيضًا. تهمس همسًا، وفي همسها تكاد لا تقول شيئًا!. لكن صوتها جميل ويجمع بين نقيضين: الدفء والشغب!. وبسبب من ذلك، مخلوط بأسباب صغيرة واهية تُرى ولا تُرى، يظنّ المرء، حين يسمعها “يقرؤها”، أنه يكتشف العالَم!.
- في منتصف الطريق، يشعر القارئ، أو أنّ هذا هو ما شعرت به كقارئ، أنني ربما لستُ على استعداد للّحاق بدروب الشخصيّات، وأنّه يمكن لي التوقف عن القراءة مكتفيًا بما مَرّ!.
- مرّتين على الأقل أغلقت الكتاب، وفي كلّ مرّة، أكتشف أنّ ظِلًّا لأحد شخوص الرواية، أكثر من ظِلّ، هَرَب من الصفحات وتسلّل في أعماقي، أو أنه يلاحقني!، فأعود لإتمام الرّحلة!. لقد كان صوتها جميلًا لدرجة أن صمتها كان جميلًا أيضًا!. آهٍ أيتها “البُحيرة”، ما أحلى صوتك: “نعم.. إنك تسكتين لكن يبقى مسموعًا. ويُريد المرء أن يدوم طويلًا”!.
- من البعيد تأتي هذه الحكمة، لا تنطلق مثل سهم، على العكس، تكاد تأخذ شكل سؤال طريف وراعب في آن!. إلى أيّ مدى يسير كل واحد منّا طريقه، أو مجموعة كبيرة من الطُّرُق، في هذه الحياة، متتبّعًا إشارة السّهم، المرسوم على ورقة أُلصِقَتْ على ظهره!، دون أن يدري بالضبط حتى من الذي ألصقها في هذا الزحام؟!، كل ما يدريه هو ذلك التعب الذي ناله لكي ينتزع هذه الورقة من على ظهره ويضعها أمام عينيه ليعرف إرشادات السّهم المُشير إلى العيد!.
- ويظنّ متوهِّمًا أن الإشارة صحيحة بالضرورة وأن السهم مصيب بالتأكيد، فقط لأنه أُلصِق على ظهره!، وفقط لأنه بذل مجهودًا، لا يُستهان، أو لا يجب أن يُستهان به، في نزعه من على ظهره والنجاح في قراءته!. “لماذا لا تتبع أنت سهمك الخاص بدلًا من أن تنزعه؟!”.
- ليس هذا السؤال الوحيد الذي يمكن للرواية أن تطرحه عليك، مطوِّحة بما كنت تحسبه ثابتًا لا يهتزّ!. لكن أمرًا آخر لا يقلّ إثارةً، يكمن في الحبكة المرواغة للسّرد، يستفزّك بحب لمتابعتها. صحيح أنّها حيلة قديمة ومعروفة ومُستخدمة في كثير من الأعمال الروائية، لكنها تبدو عند “ياسوناري كاواباتا” حيويّة ومشوّقة وأصيلة كأنها وُلِدتْ للتّوّ، تلك هي حيلة الأواني المُستطرَقَة كما يسمّيها “يوسا” في رسائل لروائي شاب!.
- حِيلة الأواني المُستَطْرَقَة هذه، وما إن تُتقن، حتى تُعطي أي عمل روائي ما هو أكثر من النكهة بكثير. يُمكنها دائمًا منح العمل طاقة مغناطيسيّة جاذبة، يصعب على القارئ الفكاك من أسرها!. وتظل المسألة محكومة بمدى الإتقان في استخدامها والتصرف فيها ومن خلالها، شأنها في ذلك شأن أي حيلة أو “أداة” فنيّة وأدبيّة، تتبع مهارة المُبدع. ويا للمهارة التي تم فيها استدراج هذه اللعبة في “البُحيرة” اليابانيّة!.
- ليست رواية قصيرة جدًّا فحسب. لكنها رواية بسيطة جدًّا أيضًا. تهمس همسًا، وفي همسها تكاد لا تقول شيئًا!. لكن صوتها جميل ويجمع بين نقيضين: الدفء والشغب!. وبسبب من ذلك، مخلوط بأسباب صغيرة واهية تُرى ولا تُرى، يظنّ المرء، حين يسمعها “يقرؤها”، أنه يكتشف العالَم!.
- في منتصف الطريق، يشعر القارئ، أو أنّ هذا هو ما شعرت به كقارئ، أنني ربما لستُ على استعداد للّحاق بدروب الشخصيّات، وأنّه يمكن لي التوقف عن القراءة مكتفيًا بما مَرّ!.
- مرّتين على الأقل أغلقت الكتاب، وفي كلّ مرّة، أكتشف أنّ ظِلًّا لأحد شخوص الرواية، أكثر من ظِلّ، هَرَب من الصفحات وتسلّل في أعماقي، أو أنه يلاحقني!، فأعود لإتمام الرّحلة!. لقد كان صوتها جميلًا لدرجة أن صمتها كان جميلًا أيضًا!. آهٍ أيتها “البُحيرة”، ما أحلى صوتك: “نعم.. إنك تسكتين لكن يبقى مسموعًا. ويُريد المرء أن يدوم طويلًا”!.
- من البعيد تأتي هذه الحكمة، لا تنطلق مثل سهم، على العكس، تكاد تأخذ شكل سؤال طريف وراعب في آن!. إلى أيّ مدى يسير كل واحد منّا طريقه، أو مجموعة كبيرة من الطُّرُق، في هذه الحياة، متتبّعًا إشارة السّهم، المرسوم على ورقة أُلصِقَتْ على ظهره!، دون أن يدري بالضبط حتى من الذي ألصقها في هذا الزحام؟!، كل ما يدريه هو ذلك التعب الذي ناله لكي ينتزع هذه الورقة من على ظهره ويضعها أمام عينيه ليعرف إرشادات السّهم المُشير إلى العيد!.
- ويظنّ متوهِّمًا أن الإشارة صحيحة بالضرورة وأن السهم مصيب بالتأكيد، فقط لأنه أُلصِق على ظهره!، وفقط لأنه بذل مجهودًا، لا يُستهان، أو لا يجب أن يُستهان به، في نزعه من على ظهره والنجاح في قراءته!. “لماذا لا تتبع أنت سهمك الخاص بدلًا من أن تنزعه؟!”.
- ليس هذا السؤال الوحيد الذي يمكن للرواية أن تطرحه عليك، مطوِّحة بما كنت تحسبه ثابتًا لا يهتزّ!. لكن أمرًا آخر لا يقلّ إثارةً، يكمن في الحبكة المرواغة للسّرد، يستفزّك بحب لمتابعتها. صحيح أنّها حيلة قديمة ومعروفة ومُستخدمة في كثير من الأعمال الروائية، لكنها تبدو عند “ياسوناري كاواباتا” حيويّة ومشوّقة وأصيلة كأنها وُلِدتْ للتّوّ، تلك هي حيلة الأواني المُستطرَقَة كما يسمّيها “يوسا” في رسائل لروائي شاب!.
- حِيلة الأواني المُستَطْرَقَة هذه، وما إن تُتقن، حتى تُعطي أي عمل روائي ما هو أكثر من النكهة بكثير. يُمكنها دائمًا منح العمل طاقة مغناطيسيّة جاذبة، يصعب على القارئ الفكاك من أسرها!. وتظل المسألة محكومة بمدى الإتقان في استخدامها والتصرف فيها ومن خلالها، شأنها في ذلك شأن أي حيلة أو “أداة” فنيّة وأدبيّة، تتبع مهارة المُبدع. ويا للمهارة التي تم فيها استدراج هذه اللعبة في “البُحيرة” اليابانيّة!.