|


فهد عافت
مكتبة!
2020-08-19
- ليست هناك مكتبة كبيرة. لا توجد مكتبة تتسع لكل ما كُتب وما سوف يُكتب، ولِمَا بينهما، والمقصود بـ “ما بينهما”: ما كُتِب ولم يُنشر!، أو الكتابات السريّة الخاصّة التي ستظل كذلك، ولن يعرف بها سوى من كتبوها ومن أُرسلت إليهم، وقليل من المتلصّصين أو ممّن وقعت هذه الكتابات في أيديهم بالصّدفة أو الوراثة!.
- لكن، ليست هناك مكتبة صغيرة أيضًا!. الكُتُب، أو ما في الكُتب، متخيّل!. الحاضر من الدفاتر لا يشير إلى الغائب مؤكدًا حضوره فحسب، لكنه يستدعيه أيضًا!. بشكل أو بآخر يفعل ذلك!.
- فكرة أن تكون لدى المرء مكتبة خاصة، تحمل في داخلها رغبة احتواء الكون!. الرغبة في معرفة كل شيء عن شيء، هي ذاتها الرغبة في معرفة كل شيء عن كل شيء!.
- الإحاطة بشيء من كل جوانبه، تفتح عيوننا على “كل جوانبه” تمامًا مثلما تفتح عيوننا عليه!. وسرعان ما نكتشف أن لكل جانب “جوانب” لابدّ من الإحاطة بها، وهكذا دواليك، تتمدّد المكتبة، وتتسّع الرّغبة!.
-ليس أدلّ على “الفضول الإيجابي” من المكتبة!. والفضول لا ينتهي، وليس له حد!. والشّقيّ من يكون فضوله سلبيًّا، والسّعيد من يكون فضوله إيجابيًّا. أمّا من حُرِم من الفضول فقد حُرِم من الحياة وإنْ تنفّس!.
- عشرة كُتب، تستدعي، تلقائيًّا، عشرة كُتب أُخرى على الأقل!. والعشرة الأولى الحاضرة، والموجودة فعليًّا وماديًّا، هي ذاتها عشرون كتابًا على الأقل، ذلك أن كل قراءة تجعل من الكتاب الذي في يد القارئ كتابين: ما كتبه المؤلِّف، وما ألّفه القارئ!.
- التفاتة رهيبة من مانجويل: “ثقل الغياب هو ميزة كل مكتبة”!. يؤسس مانجويل نظريّته على حقيقة أن “كل مكتبة هي إقصائية”!. هي كذلك بفعل الذّوق، ومساحة المكان، والزمان، والقدرة الماديّة، وهي كذلك بفعل ما سيأتي من مؤلّفين وكتب!.
- أخيرًا:
ليست المكتبة جنّة بالضرورة، ولا هي حديقة على الدّوام!. المسألة تتعلّق بنوعيّة القارئ. القارئ السيّئ ينتقي كُتبًا سيّئة!. وهو حتى حين يختار، بالصدفة أو عن قصد، كُتُبًا جيّدة، فلن يُحسِن قراءتها!. بذلك يجعل منها كُتُبًا سيّئة أو رديئة!. وحده القارئ الجيّد، الموهوب، يجد نفسه في بستان!.