|


بدر السعيد
المغمور الذي أحببته
2020-08-29
ليس شرطاً أن تكون مشهوراً لكي تحقق الوصول إلى قلوب البشر.. وحين تكون غنياً فهذا لا يعني أن تكون كريماً والعكس صحيح.. ولا يفترض أن تكون مهرجاً لتتمكن من إدخال البهجة والسرور في نفوس من حولك.. بل إن كل تلك المظاهر الخارجية في شخصيات من حولنا لا تكفي إطلاقاً لكي نحكم على شخصياتهم، بل هي أخلاقياتهم وأدبياتهم ومبادئهم ولا غير ذلك..
عشنا أزماناً وعقودًا كانت مليئة بالمديح والإطراء والثناء على أشخاص كثر – وهم يستحقون ذلك بلا شك – لكننا لم نعتد على سماع التصفيق باتجاه من هم خلف الكواليس فرداً فرداً.. ولم نشاهد تكريم أولئك الباذلين الغائبين عن عين المتابع والمسؤول على حدٍ سواء..
وحتى لا أكون كمن سبقني فلن أخصص مديحي اليوم لمشهور أو نجم أو مسؤول، بل لرجل أفنى حياته “خلف الكواليس” و “داخل القلوب” في خدمة الرياضة والرياضيين.. الرجل الذي وصل إلى قلوب البشر دون أن يكون مشهوراً.. واتسم بالكرم دون أن يكون غنياً.. وأدخل البهجة والسرور في نفوس من حوله دون أن يتحول إلى مهرج.. أعني بذلك صاحبي وصديقي الوفي المصور “عبد الله عثمان” الذي واريناه الثرى يوم الجمعة الماضي بعد سنين من العطاء بسخاء والبذل دون قيد أو شرط..
أبو ماجد يا كرام هو واحد من آلاف البشر الذين قدموا كل ما لديهم من عمل وجهد وتفانٍ لتظهر محيطاتهم بذلك الجمال والحضور اللافت.. أبو ماجد وأشباهه من المخلصين كانوا ولا يزالون يمثلون الرئة التي تتنفس منها قطاعات الحياة والرياضة أحد تلك القطاعات.. ذلك الرجل وأشباهه من الكادحين الذين اعتادت لغة الوصف بتسميتهم بالمغمورين هم من يشكل الفارق في تكامل أي عمل.. هم من يعطي بسخاء يدفعه الحب وتغذيه التضحية ويجمله التخصص..
نعم هو شخص “مغمور”، لكنه ليس بالمعنى السائد، بل لكونه مغموراً داخل القلوب ساكناً أجمل أرائكها.. توفي أبو ماجد وغابت معه مئات المعلومات والكنوز التاريخية لرياضتنا السابقة والمعاصرة.. توفي أبو ماجد وخلف وراءه ذكرى حسنة ومسيرة ثرية لا يدركها إلا من عاش قريباً من ذلك الرجل الوفيّ.. 27 عاماً كانت عمر علاقتي بصديقي “المغمور” لم يشعر فيها يوماً أنه غير سعودي ولم نشعر نحن بذلك.. واسألوا كل من سكن الظهيرة والعطايف والديرة وسيقولون لكم من هو “عبد الله عثمان غانم”، أحد صنّاع الإعلام الرياضي “المغمورين”..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..