|


أحمد الحامد⁩
شيء من كورونا.. كشف حساب
2020-09-07
من المبكر حصر آثار كورونا، فالجائحة مازالت مستمرة، لكن العالم اعتاد عليها وسئم منها وتحمل ألم ما تسببته من خسائر بشرية واقتصادية، فخرج إلى العمل لابساً كمامة، الإنسان يتكيف بطبعه، لم يعد يرى الخطر الذي أجلسه في منزله مثلما كان يراه، حتى الأشياء التي اشتاق إليها وهو في حجره المنزلي زال شوقها الذي طالما أرقه..
ما ألذ كوب القهوة في المقهى.. لم يعد هذا الأمر يعني شيئاً، إنه أمر اعتيادي.. الإنسان ينسى.. هل اعتدنا مشاهدة المباريات من دون جمهور؟ هل نسينا كل تعليقاتنا عن أهمية وجود الجمهور في الملعب عندما شاهدنا أولى المباريات في الملاعب الفارغة من الجمهور؟ أتذكر في أيام الحجر المنزلي أنني تحدثت مع صديق قديم كان رفيق مرحلة، لم نلتقِ منذ سنوات رغم أننا في مدينة واحدة، لم تخلُ أحاديثنا الهاتفية من وعود قطعناها على أنفسنا بأننا سنلتقي كثيراً إذا مازالت الجائحة، ثم خرجنا إلى أعمالنا وكلٌ انشغل في حياته ولم نلتقِ لأننا اعتدنا على وجود إمكانية اللقاء في الوقت الذي نشاء.. الإنسان يعتاد.. في أيام الحجر كان لدي وقت طويل للتفكير والتأمل، توصلت إلى أنني قبل الجائحة كنت قلقاً وأفسدت أوقاتاً طويلة بالقلق.. من أجل ماذا؟ ثم قررت إذا ما عادت الحياة إلى طبيعتها ألا أقلق ولا أعطي الأمور أكبر من حجمها، الآن عدت إلى حياتي ما قبل كورونا.. لكنني قلق.. في أيام الحجر تساءلت عن مصير الأفكار التي سكنت عقلي سنوات طويلة ولم أنفذها أو لم أجربها على أقل تقدير، اتفقت مع نفسي أن أعطيها الأولوية بمجرد الخروج من الحجر، ومازالت منذ أشهر في نفس المكان الذي اتفقت فيه مع نفسي.. وكأنني في الحجر.. يحتاج الإنسان إلى أن يحاسب نفسه كل يوم، لكي لا يعتاد على الخطأ، وأن يحجر نفسه ساعة كل يوم حتى يعرف قيمة الحرية، وأن يبقى وحيداً عدة أيام كل مدة لكي يعرف قيمة الأصدقاء، وأن يعدّ الأيام ليعرف قيمة الوقت، من الخطر على الإنسان عندما يعتاد على الأشياء أنه لا ينتبه إلى قيمتها، ثم إذا فقدها انتبه واحتاج إليها، ثم إذا عادت يعود إلى سيرته الأولى، إلا العقلاء، اللهم ارزقني العقل العاقل.. اللهم آمين.