|


بدر السعيد
المتفق عليه
2020-09-12
أيًّا كانت الفكرة التي خصصتها لمقال هذا الأسبوع، فإني سأقوم بتأجيلها ودون تردد.. فالحدث هذه المرة أجبرنا جميعاً أن نتوقف عنده طواعية وبلا تردد وبنفس راضية تماماً، لأن صاحبنا باختصار فرض ذلك على الجميع..
لم تكن ليلة “العاشر” من سبتمبر ليلة عادية عابرة في سماء رياضة الوطن.. فقد حضر فيها الرقم “10” بشكل واتجاه أقوى من أن نقاومه أو نوقفه.. حضر فيها أنقى من حمل الرقم “10” ليعلن توقفه عن الركض.. حضر بتلك الطريقة التي أراد فيها “الشلهوب” أن يتراقص بمشاعرنا كما كان يتراقص بالكرة.. أراد حينها أن يراوغ أحاسيسنا قبل أن يسدد كرته الأخيرة في شباك القلوب.. كل القلوب..
في كل مرة كان الشلهوب يجدد فيها عقده مع “كبير آسيا”، كنت اعتبر ذلك التوقيع تجديداً لروح كرة القدم، فمع كل تجديد كان “الهلال” يمنح كرة القدم والوطن فرصة جديدة للمزيد من المتعة والكثير من الأخلاق والروح الرياضية بتواجد أسطورة، بدأ بابتسامة وعاش بابتسامة وتربع على عرش الألقاب بذات الابتسامة.. حتى حين غادرنا كان يحمل نفس الابتسامة..
ذات مساء وفي لحظة صفاء التقطت عدسات الإعلام صورة الداهية البرتغالي “خيسوس”وهو يحتضن “محمد الشلهوب”، وقد ظهرت علامات الضحك والرضا على محيا الاثنين.. توقفت طويلاً عند تلك اللقطة وأرسلت معها رسالة إلى “البرتغالي” قلت فيها “عزيزي خيسوس.. أعلم يقيناً أنك تحتفظ في ذاكرتك بالعديد من العلاقات المميزة مع عمالقة الكرة وأساطيرها.. وأعلم أنك تعاملت مع الكثير من نجومها.. لكن هذا الرجل الذي تحتضنه مختلف عنهم جميعاً.. جميعاً يا خيسوس”..
عبثاً أحاول أن أصف “الموهوب” فقد سبقتني طوابير البشر وأقلامهم وأصواتهم في مدحه والتغني بصولاته والاحتفال بإنجازاته.. فبطلنا يا كرام ثروة وطنية ورمز كروي لا يتكرر إلا في الروايات.. رجل اتفق عليه الجميع وفي كل مراحل حياته الرياضية.. و”المتفق عليه” هنا لم يكن يتقمص أدوار البراءة ولم يكن يتلون ليرضي المدرجات.. ولم يكن يتظاهر بالطيبة والروح العالية والتصالح مع الكل.. فلو كان كذلك لانكشف أمره بعد عام أو عامين.. لكن بطلنا يا كرام ظل لعقدين من الزمن هو ذات الرجل “المتفق عليه”..
في ليلة إعلان توقفه غرّد لمحبيه بجملته الأخيرة عبر حسابه في تويتر فقال: “أحبكم كثيرا”.. ويبدو أن الردود أثبتت له أننا “نحبه أكثر”..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن.