وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب سابقا يقلّب أوراق الرياضة السعودية
الخضيري: يوم الوطن بناء ورخاء
عاصر منصور الخضيري، وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب سابقًا، مرحلةً من أهم مراحل بدايات الرياضة السعودية، وكان أحد الرجالات الذين شهدوا خطوات التألق والوصول إلى العالمية، منذ التحق برعاية الشباب في إدارة النشاطات الثقافية.
كذلك، عمل الخضيري مدربًا للنشاط الاجتماعي والمعسكرات، ومديرًا لنشاطات الشباب، وتدرَّج في أروقة رعاية الشباب حتى صار مديرًا للإعلام والنشر، ثم وكيلًا للرئيس العام لشؤون الشباب، وقضى أعوامًا طويلة في العمل خلال فترة الأمير فيصل بن فهد، والأمير سلطان بن فهد، والأمير نواف بن فيصل، قبل أن يترجَّل عام 2012، ويبتعد عن الوسط الرياضي والإعلامي، ويتفرغ للنشاط البحثي.
وفي حواره مع “الرياضية”، تحدث الخضيري عن بدايات الرياضة السعودية، وأسباب تطورها ووصولها إلى العالمية، وتذكَّر في يوم الوطن اللبنات الأولى لها في مختلف مجالاتها.
01
في يوم الوطن، ماذا تعني هذه المناسبة للرياضيين السعوديين؟
يوم الوطن، هو يوم بناء، فلم يكن للرياضة السعودية أن تتطور، وأن تصل إلى ما وصلت إليه اليوم لولا الله أولًا، ثم الدعم والاهتمام اللذان حظيت بهما من قِبل ولاة الأمر منذ توحيد البلاد على يد الملك المؤسِّس، إضافة إلى الأمن والأمان الذي تعيشه السعودية.
الجميع اليوم عليه مسؤولية الحفاظ عل هذا الأمن والاستقرار، خاصةً جيل الشباب، حتى يستمر الوطن في تطوره، وينعم بالرخاء في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، وفي هذا اليوم المبارك أؤكد أن كل قادة الحركة الرياضية السعودية امتدادٌ لمَن سبقوهم من رؤساء، فالعمل كان وما زال تراكميًّا، وبلا شك كل مسؤول أسهم فيما وصلت إليه الرياضة السعودية من تقدم اليوم، وأشكر بهذه المناسبة أمير الرياضة، الأمير عبدالعزيز بن تركي وزير الرياضة، وزملاءنا في الوزارة الذين يعملون ليل نهار من أجل خدمة الرياضة السعودية، وهم أجيالٌ ولله الحمد تتوالى لخدمة رياضتنا، وتعمل على خدمة وعز البلاد.
02
مرَّت الحركة الرياضية السعودية بالكثير من المراحل، وكنت أحد أبناء مراحل البدايات، كيف تصف تلك الفترة؟
لم أعاصر مرحلة البدايات الأولى، لكنني عملت في زمن الأمير فيصل بن فهد، يرحمه الله، الذي أعدُّه الباني الحقيقي للحركة الرياضية السعودية، إذ حققت رياضتنا في ذلك الوقت الكثير من الإنجازات.
03
ما الخطوات الأولى لتلك البدايات الرياضية؟
بدأت ببناء المنشآت الرياضية، إذ إنها الأساس في البناء الرياضي. هذه المرحلة أطلقها الأمير فيصل بن فهد عام 1974م، بدعم من الملك فهد، يرحمه الله، حينما كان وليًّا للعهد، حيث تمَّ بناء منشآت كبيرة على مستوى المدن الرياضية، والأندية التي تم تقسيمها إلى ثلاث فئات “أ، ب، ج”، وعلى مستوى بيوت الشباب، والحركة الكشفية. كل ذلك جاء بتخطيط من الأمير فيصل بن فهد، رحمه الله. النقطة الأخرى، هي إعداد الكوادر السعودية، التي تدير الرياضة الوطنية، وقد كان الأمير فيصل بن فهد حريصًا على ذلك، لذا أنشأ معهد “إعداد القادة”، لينظِّم الدورات التدريبية والتأهيلية، كما ابتعث الكثير من الكوادر السعودية، ليتم تأهيلها في المجالات الرياضية والهندسية والشبابية، ويعودوا متسلحين بالعلم والشهادات العالية، ويديروا الحركة الرياضية السعودية. كل ذلك أسهم بالنتيجة في تحقيق رياضتنا عديدًا من الإنجازات.
04
حدِّثنا عن الدعم الحكومي لتلك الخطط والأهداف؟
لم يكن أي منها ليتحقق لولا الله أولًا، ثم الدعم الكبير الذي قدمه الملك فهد، وولي عهده في ذلك الوقت الملك عبد الله، يرحمهما الله، فبفضل ذلك حققنا الكثير من الإنجازات، ولا يزال هذا الدعم مستمرًا حتى اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله. الإنجازات لم تأت من فراغ، بل نتيجة تخطيط جيد، وعمل وجهد كبيرين، ودراسات علمية.
05
كيف بَنَت السعودية هذه السمعة الرياضية الطيبة، وحصلت على تأثير كبير عربيًّا وعالميًّا؟
عمل الأمير فيصل بن فهد على أن يكون للسعودية صوتٌ قوي، وكان يرحمه يترأس الاتحاد العربي لكرة القدم، والاتحاد العربي للألعاب الرياضية، وعضوًا في اللجنة الأولمبية الدولية، بعده جاء الأمير سلطان بن فهد، والأمير نواف بن فيصل، وعملوا جميعًا، ومَن جاء من بعدهم، على رفع اسم المملكة العربية السعودية عاليًا، وهو ما تحقَّق بتقديم مستوى مشرِّف على جميع الأصعدة، القارية والدولية، حيث تبوَّأت السعودية الكثير من المناصب الدولية، سواءً في كرة القدم، أو غيرها من الألعاب الرياضية، وفرضت اسمها في المحافل العالمية.
06
ما أبرز الصعوبات التي كان يجب التغلب عليها لتحقيق هذا الحضور؟
الصعوبات في البداية، كانت تتمثَّل في عدم وجود منشآت كافية، وحتى تكتمل تلك المنشآت، كانت تحتاج إلى أعوام، أيضًا الكوادر السعودية، كانت تحتاج إلى وقت كبير لتكتسب الخبرة، لكنَّ استمرار الدعم للحركة الرياضية ذلَّل أغلب تلك الصعوبات.
الإعلام الرياضي، من جهته، واكب تلك الإنجازات من خلال المؤسسات والكوادر الإعلامية، ووسائل الإعلام الرسمي، من إذاعة وتلفزيون، إضافة إلى وكالة الأنباء الرسمية. الجميع تعاون لتسليط الضوء على الإنجازات الرياضية، وتوَّج ذلك الأمير فيصل بن فهد عام 1998 بتأسيس لجنة الإعلام الرياضي في السعودية، وقد تشرَّفت بأن أكون أول رئيس لها، وضمَّت رؤساء الأقسام الرياضية في الصحف السعودية، ووسائل الإعلام الرسمية، وكان الأمير فيصل حريصًا على دعم الإعلام الرياضي، ليواكب إنجازات رياضتنا، ولا يزال هذا الدعم مستمرًا حتى يومنا هذا بوجود اتحاد الإعلام الرياضي.
07
لو رجعنا إلى الوراء قليلًا.. كيف ترى الفرق بين وضع الرياضة السعودية حاليًّا وفترة الثمانينيات؟
في الثمانينيات بدأت مرحلة بناء الأساس للنشاط الرياضي، وأثمر ذلك عن فوز المنتخب السعودي بكأس أمم آسيا، والتأهل إلى أولمبياد لوس أنجليس، والكثير من الإنجازات الأخرى في مختلف الألعاب الرياضية.
حاليًّا، ومع دخول عصر الاحتراف، أصبح التركيز على كرة القدم أكثر. صحيحٌ أنها مهمة، ولها دورٌ كبير في بروز اسم السعودية في المحافل الدولية، لكن من الضروري أن يشمل الاحتراف مختلف الألعاب حتى تتطور أكثر. في رأيي الشخصي، الاحتراف لا يجب أن يقتصر فقط على دفع رواتب اللاعبين، بل وأن يكون احترافًا إداريًّا وفنيًّا أيضًا، يعني احترافًا كاملًا، لكنني متفائل بالمرحلة المقبلة بوجود الدعم الكبير من قِبل القيادة الرشيدة للحركة الرياضية السعودية، ووزير الرياضة، وأتمنى أن ينصبَّ الاهتمام أيضًا على الشباب لأنهم جيل المستقبل.
08
نقل اللاعب السعودي من الهواية إلى الاحتراف عام 1992 شكَّل نقطة تحول كبيرة في الرياضة السعودية، لكن سرعان ما انخفض ناتج هذه الخطوة، لماذا؟
كانت للأمير فيصل بن فهد رؤيةٌ خاصة حول الاحتراف. قبل تطبيق النظام بعشرة أعوام، سأله ماجد الشبل، المذيع، رحمه الله، عن ذلك، فقال: “الاحتراف سيكلف الأندية الكثير من الالتزامات التي قد لا تكون قادرة عليها”. اليوم الدولة تتحمَّل الكثير من تبعات الاحتراف، لكن هذا لن يستمر طويلًا، لذا يجب على الأندية أن تتحمَّل مسؤوليتها في هذا الجانب، وهو ما جعلني أقول إنه احتراف غير كامل. أضف إلى ذلك أن وجود سبعة لاعبين أجانب في كل فريق له تأثير سلبي في المنتخب، الذي يعدُّ أهم من الأندية، لكن ربما لاتحاد الكرة ووزارة الرياضة نظرة أخرى.
09
مرَّ على الكرة السعودية الكثير من الأعوام الجيدة، وغير الجيدة، في تصوُّرك ما سبب تراجعها؟
كل المنتخبات تمرُّ بفترات جيدة، وأخرى غير جيدة، وهذا أمرٌ طبيعي. المنتخب البرازيلي خسر في كأس العالم 2014 من ألمانيا بسبعة أهداف، ومتأكدٌ من أن المنتخب السعودي قادر على العودة، لكن الأهم أن نعيد النظر في نظام الاحتراف لدينا، ليكون المنتخب أهم من الأندية، مع تقنين رواتب اللاعبين، ووضع سقف صارم لها، وضرورة تدخُّل اتحاد الكرة ووزارة الرياضة للتقيد بهذا السقف.
10
عاصرت أول بطولة سعودية بتحقيق كأس أمم آسيا 1984 على الرغم من أن المنتخب السعودي لم يكن معروفًا حينها، كيف تسيَّد الأخضر الساحة الآسيوية طوال أعوام؟
بعد دورة الخليج السابعة في مسقط، والكبوة التي وقع فيها المنتخب السعودي، كانت للأمير فيصل بن فهد نظرة ثاقبة، حيث أقال البرازيلي ماريو زاجالو، مدرب الأخضر حينها، وعيَّن بدلًا منه خليل الزياني، ابن الوطن. هذا التغيير كان فنيًّا ومعنويًّا. المنتخب السعودي عندما يذهب إلى محفل دولي، ويكون غير مرشح، تكون الضغوط عليه أقل، وهذا ما حدث في سنغافورة، إذ لم يكن الأخضر من بين الأربعة الأوائل المرشحين للقب، لكنه كان مدعومًا من الأمير فيصل بن فهد، والملك فهد شخصيًّا، لذا استطاع تحقيق هذا الإنجاز، وقبلها تأهل إلى أولمبياد لوس أنجليس. صحيحٌ أننا خسرنا من ألمانيا بنتيجة ثقيلة في المباراة الأخيرة، لكنه يبقى إنجازًا، أيضًا في كأس العالم 1994 لم يكن منتخبنا مرشحًا، لكنه وصل إلى الدور الثاني، وهذا يؤكد حقيقة أنه عندما لا تكون مرشحًا، تحقق إنجازات كبيرة.