|


فهد عافت
رسالة لروائي مُبتدئ!
2020-10-04
- تبحث عن قصّة؟! حكايتك هي الأهم، لكن لا تبدأ بها، هذه نصيحة متواضعة، وهي متواضعة حقًّا، لدرجة أنني لا أثق بصوابها إلا بنسبة قليلة، قليلة لكن معقولة!.
- مُبتدئ، وفي أول الطريق، وتريد أن تكتب قصصًا، وأن تؤلّف روايات، وربمّا أعمالًا للسينما؟!، لا تبدأ بسرد حكايتك، وابتعد عن سيرتك الذاتية في أصولها وفروعها!. ليس لأنها أقل أهمية، بل للنقيض، لأنها الأهم، أظن أنني قلت لك ذلك قبل قليل!.
- ولأنها الأهم، يحسن بك تأجيل الأمر، لأسباب أظنها جوهريّة. منها أنك لم تُجرّب بعد حِيَل الخيال وتقلّباته وانطلاقاته، ومنها أنك، في الغالب، ما تزال طريًّا، وقد يخذلك الانفعال المنحاز لنفسك ضد الآخرين، فلا تقدر على احتواء بقيّة الشخصيّات من حيث عواطفهم ومبررات تصرفاتهم، بما يضمن لعملك الأدبي الزخم والكثافة!.
- عليك أن تنتظر وقتًا، طويلًا ربما، لتتمكّن من أدواتك ومن السيطرة على مشاعرك، ومن القدرة على الدخول في مشاعر الشخصيّات الأخرى، وهي مسألة ليست بالهيّنة أبدًا حين يتعلّق الأمر بشخصيّات تعرفها حقًّا، وبأحداث حدثت معك بالفعل، وشكّلت بالنسبة لك آراء ومشاعر سابقة!.
- باختصار، انتظر إلى أن تكتمل تجربتك الإنسانية، قدر الإمكان، ثم بعد ذلك اكتبها إن شئت، لا تحاول ذلك وسط معمعة الغيرة واليأس والرغبة في الانتقام أو حتى في الوصال أو ردّ الجميل!.
- تخيّل واكتب. وفي البدايات المبكّرة، وحتى لا تسحبك خيالاتك رغمًا عنك وبغير دراية إلى واقعك اليومي المباشر، مستفزّةً ما في ذاكرتك بطيش غير محمود، عندي لك هذه الفكرة:
- اقرأ رواية، أو تابع فيلمًا، لا تُكمل القراءة ولا المشاهدة، وابتعد عن الشخصيّات الرئيسية والأبطال، حاول ملاحقة شخصيّة ثانوية أو أقل. بالضبط كأن تشاهد فيلمًا بطله طبيب، والبطل الآخر مريض، في هذه الحالة حاول متابعة الممرضة، أو المريض الآخر الذي يظهر في المشهد دون أن يتكلّم!. بالضبط: الكومبارس الذي وُجِد فقط لتتمّة الصورة ولتأكيد وجود المستشفى!. بإمكانك مراقبة حتى باقة الورد عند سريره، أو عدم وجودها!، وابدأ من هنا:
- اكتب قصّة هذا المريض، أو حكاية الممرضة، أو حكاية باقة الورد ولماذا أتت، أو لماذا تأخّرتْ!.
- ابتعد عنك قليلًا، لتقترب منك أكثر!.
- ملاحظة: بإمكانك نسف كل ما سبق، واعتباره مجرّد كلام فارغ، لكاتب يومي، وظيفته التي يتقاضى عليها راتبًا، ملأ هذه الزاوية بكلمات!. وحتّى “يلحق عمره” رمى بهذه القفلة:

- “قفلة”:
ريتشارد باخ: “لا تُكتب القصص بفضل اللّجان وقواعد النّحو، فهي تنبثق من لغز يمسّ خيالنا الصّامت، من أسئلة تُبقينا في حيرة لسنوات، ثم تهبُّ عاصفة من الإجابات فجأة من موضع مجهول، تنطلق السِّهام من قوس لم نَرَهُ قَطُّ”!.