|


أحمد الحامد⁩
صغيرة لكنها مُهمة
2020-10-09
قرأت في العربية نت أن الفنان الراحل طلعت زكريا كان يرفض أن يحلق شاربه، ورفض عدة أدوار كانت تتطلب أن يحلقه، لذلك يجد المشاهد أن كل الأدوار التي أداها طلعت في الـ25 سنة التي سبقت وفاته كان محتفظاً فيها بشاربه، أما السبب كما قال ـ رحمه الله ـ راجع لنظرته الفنية حول نفسه عندما رأى أنه شخصية تحتاج إلى وجود شوارب بشكل دائم، وهي رسمة رسمها لنفسه كما يرسم الروائي وجوه أبطاله.
ذكر طلعت أن شواربه كان لها تأثيرها على المخرجين، وأن احتفاظه بها جعل من العروض تتوالى عليه، وهذا يعني أنه صنع شخصية جاهزة أمام المخرجين، قد يرى بعض المشاهدين أن طلعت بالغ في تأثير شواربه على مشواره الفني، لذلك ذكر طلعت مثالاً مهماً يفتح الأسئلة عن أسرار انجذابنا وقبولنا نحو بعض الشخصيات دون سواها، ذكر طلعت أن سمير غانم لم يكن فناناً في مصاف النجوم الكبار أو درجة أولى كما ذكر طلعت، إلا بعد أن لبس باروكة أخفت صلعته وأطلق شاربه ليغير من شكل وجهه، ويصبح أكثر جاذبية وقبولاً لأدواره الكوميدية، وهنا أود أنا أن أسأل القراء: تخيلوا لو أن سمير غانم من دون شعر ومن دون شارب عريض، فهل ستقبلونه كما قبلتموه بباروكته وشاربه؟ تشارلي تشابلن أيضاً كان كذلك، ورغم أن شاربه كان صغيراً إلا أنه كان جزءً لا يتجزأ من وجه المحبوب والمقنع، رغم أن تشارلي لم يكن لديه شارب في حياته الواقعية، لكنه استطاع مبكراً أن يدرك بنظرة المخرج أن وجهه في الأدوار التي يؤديها بحاجة إلى لمسة صغيرة لكنها مهمة، وإن كانت مجرد شارب صغير لا يغطي إلا أسفل أنفه، إن بعض الأشياء التي تبدو صغيرة لها فعل يشبه السحر، نظارة الراحل طلال مداح جزء لا يتجزأ منه، أضافت على وجهه سحراً جاذباً حتى أصبحنا لا نتخيل طلال من دون نظارته السميكة والكبيرة، هل يقبل أحدكم أن يكون طلال من دون نظارة؟ ليس في عالم التمثيل والغناء يؤثر التفصيل الصغير، بعض التفاصيل الصغيرة تزيد من شهرة لاعبي كرة القدم أيضاً، قد لا يعرف بعضنا اسم كارلوس فالديراما أشهر لاعب وسط في تاريخ المنتخب الكولومبي، لكن معظمنا يعرفه على أنه أبو شعر، وأظن أن فالديراما كان يملك رؤية المخرجين السينمائيين، عندما أطلق شعره لينمو مثل كرة خيوط الصوف الكبيرة، ثم قام بصبغها باللون الأصفر.