|


أحمد الحامد⁩
الروح أولا
2020-10-17
عجيب أمر الروح، فهي في أحيان تقود صاحبها إلى ما يشبه المعجزة، وفي أحيان تقوده إلى هاويات مذلة، روح الإنسان تكاد تكون في محطات معينة من حياته أهم من قلبه وعقله.. لأنها تكون أشبه بالقائد، فإن كانت متحفزة كانت قائداً ناجحاً وإن كانت ضعيفة هزمت صاحبها حتى لو كان نابغة زمانه..
في الرياضة يفوز أو يتعادل فريق ذو مستوى متوسط على فرق كبيرة بروح لاعبيه العالية لا بمهاراتهم، وهو نفس الفريق الذي ينهزم بفارق أهداف كبير من نفس الفرق بعد أن يفقد روحه المقاتلة.. أنا متأكد أن الكثير من مدربي كرة القدم حققوا بطولاتهم لأنهم اهتموا بروح لاعبيهم وليس بسبب عبقرية خططهم على أرض الملعب.. فازت الكاميرون على أرجنتين مارادونا في افتتاح كأس العالم 1990 بسبب روح اللاعبين العالية، وليس بالتفوق المهاري على فريق قائده مارادونا، وفازت السنغال في افتتاح كأس العالم 2002 على فرنسا زيدان وتيري هنري بسبب روح اللاعبين وليس لأن أحدهم كان أفضل من زيزو، قبل أيام شاهدت مقطعاً لرئيس شركة ناجحة قال فيه إن سبب خسارة بعض الشركات ليس في عدم وجود مهارات لدى موظفيها، أو في عدم مواكبتها لتحديثات الأسواق، بل في فشل المديرين في الإبقاء على روح الموظفين نشيطة ومتحفزة ويقظة، وذلك يأتي من خلال الاهتمام بمشاكل حياتهم خارج العمل، وبالتحدث إليهم بصورة شخصية لإشعارهم باهتمام المدير بكل فرد وبهمومه والعمل بشكل حقيقي على حلها، حينها سترتفع الروح عند الموظفين وهذا ما ينعكس على سير العمل، مازلت أتذكر أحد الأصدقاء عندما قال بأنه ينوي تقديم استقالته من عمله، وعندما سألته عن السبب أجاب بأنه فقد الروح في عمله ولم يعد قادراً على العطاء وتحمل البقاء رغم أنه كان شاباً، ومن خلال حديثه اكتشفت أن مديره بعيد كل البعد عن القيادة الروحية لأفراد فريقه الذين تسربوا واحداً تلو الآخر فخسر خبرتهم، قصص الذين غادروا عملهم بسبب فقدانهم لروح العمل كثيرة، وهي من أشد الخسائر التي تصيب المؤسسات والشركات، كذلك على الصعيد الشخصي تبقى روح الإنسان دائماً هي من تحدد قوته وضعفه، وهي من تبقي شغفه، لذلك عليه أن يتأكد دائماً أنه يبقيها بعيدة عن كل ما يضعفها.