|


بدر السعيد
دقائق جوكر.. وسنواتهم
2020-10-31
قبل نحو شهرين وبعد يوم طويل أجبرتني فيه ظروفي وارتباطاتي أن أبتعد عن متابعة الأخبار والمستجدات، ما جعلني أتعمد قبل أن أنام أن أتصفح “تويتر” بشكل عشوائي، ساقني إلى تغريدة من أحد الأصدقاء يشير فيها إلى تواجده ضمن بث مباشر لأحد الحسابات الرياضية.. ومن هنا بدأت الحكاية..
دخلت ذلك البث كضيف غريب يجهل محور أو محاور النقاش ويجهل معها المتحدثين.. لكني بلا شك وقعت في قبضة الحوار منذ دقائقه الأولى، حيث وجدت فيه كل ما أبحث عنه في النموذج الافتراضي للحوار الرياضي الراقي.. في تلك الدقائق وجدت راحة ذهنية فائقة وأنا أتابع انتقال الحوار من شخص لشخص مع تعدد وتنوع المعلومات الرياضية المطروحة.. في ذلك الحوار استمعت بل استمتعت بجميع وجهات نظر المتحدثين، إذ إنهم قدموها كما يجب أن تقدم وجهة النظر “المحترمة”..
يجب أن أعترف أن النوم في تلك الليلة كان أقوى من رغبتي في البقاء مستمتعتاً بذلك الحوار، فقد أجبرني على الاستسلام له ومغادرة الحوار بعد أن ترك في ذهني انطباعاً إيجابياً تجاه جيل رياضي واقعي “متعلم” و”رزين”، اختار لنفسه طريقاً ومنصة لتبادل الآراء مع المحافظة على أجواء الأدب والاحترام والكثير الكثير من القيم المضافة للمشاركين والمستمعين..
لا أخفيكم أني تعمدت بعدها أن أخصص وقتاً للاستمتاع ببث مباشر آخر قدمه نفس الشخص الذي اختار لنفسه اسم “جوكر” لأقضي معه سهرة كروية ممتعة، كانت دقائقها غنية بكل مفيد، بل كانت محاضرة مجانية لكيفية تقديم الحوار الإعلامي الرياضي الرصين.. وبقدر ما فرحت بوجود أولئك المتميزين في فضاء البث إلا أني عدت لنفسي نادماً متحسراً على سنين أضاعها ولا يزال يضيعها إعلامنا الرياضي المرئي في برامج تبث على “الهراء” مباشرة..
وبقراءة سريعة لمستقبل وواقع الإعلام الرياضي الحالي، فإني لن أتعجب من انسحاب شريحة كبيرة من متابعة البرامج التي تقودها “ثقافة الضجيج”، لتتجه تدريجياً إلى منصات البث التي يقودها بكل اقتدار جيل جديد متسلح بالأدب قبل العلم والمعرفة.. المنصات التي تحترم نفسها ومجتمعها.. المنصات التي تحترم العلم والمعلومة والمصداقية والأمانة.. المنصات التي لا تنتظر دور الرقيب، إذ إن رقيبها الذاتي يحكمها بكل ثقة ومصداقية..
لم أترك تلك التجربة دون أن أترك رسالتي النصية بالشكر والتهنئة إلى “جوكر” الذي وضع أمامي أملاً جديداً ونوراً في نهاية نفق لم يكن مظلماً لولا وجود الظلاميين..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..