|


أحمد الحامد⁩
جماعة الماضي
2020-11-06
في الماضي أو قبل أو كنا، كلمات تمهيدية للوصول إلى النتيجة التالية: الماضي كان أفضل، ثم يتم انتقاء بعض الأمثلة، علاقة الجيران ببعضهم، تكاليف الزواج، اللعب في الحارة، الاستيقاظ المبكر، المسلسلات القديمة، ليالي رمضان وفعالياتها، سعر المشروبات الغازية والزبادي، بعض أنواع الحلوى، نوعية المدرسين والمدارس.
كنت ومازلت أقول بإن لكل زمن جماله، ومسألة الاعتقاد أن الماضي دائماً كان أجمل هي مسألة غير منطقية ومجرد أوهام يطلقها الذين يشتاقون لطفولتهم أو قوة شبابهم، متناسين أن العالم في كل مدة زمنية يقفز قفزات علمية هائلة تجعل الحياة أسهل وأجمل، وهؤلاء الذين يحاولون أن يجعلوا من ماضيهم الزمن الأجمل سيرفضون تماماً العودة إلى الماضي إذا ما افترضنا هذه الإمكانية، لأن الحاضر أفضل بكثير كخدمات، لكن بعضهم يعتاد عليها فلا يشعر بأهميتها، كما أن القوة الشرائية اليوم أضعاف ما كانت عليه، في الوقت الذي كانت فيه الحالة المالية لبعضهم أضعف ومنها ما هو أقرب إلى الفقر، ولو فكر أي منا فيما وفر له التطور من راحة في بيته أو عمله لانتبه جيداً للوهم الذي يعيشه أنصار “الماضي كان أفضل”، ويبدو أن التمسك بفكرة أن حياة الماضي كانت أفضل هي لتبرير شيء ما، قد يكون فشلاً أو عاطفة تجاه زمن ما لا أكثر، ويبدو أن بعض الذين عجزوا عن إقناع “جماعة الماضي أفضل” من أن الزمن الحاضر هو الأفضل، قاموا بإطلاق النكات والتعليقات الساخرة عليهم، وآخر هذه النكات تسخر منهم في زمن كورونا وتحديداً عن الفارق بين الموجة الأولى في بدايات العام الجاري وبين الموجة الجديدة الحالية، والنكتة تم صياغتها على لسان أحد هؤلاء: “ملاحظين أن موجة كورونا الثانية ما لها بهجة مثل الأولى؟ وين العطلة.. وين تأجيل المدارس، والله كورونا زمان كانت أحلى.. كل شي تغير”..
في فترة ما ومن دون قصد وجدت نفسي متعلقًا بالماضي كثيراً، أشتري ما يتوفر من منتجات قديمة، راديو فيليبس، كاميرا كوداك الطولية، ألعابًا قديمة، ثم لاحظت أني كنت أمجّد الماضي دائماً، اليوم كلما تذكرت تلك الفترة التي تعلقت فيها بالماضي أكتشف أنني كنت أحاول الهرب من الحاضر لا أكثر، لأن أحوالي حينها لم تكن جيدة، وعندما تحسنت الحال بفضل الله نسيت الماضي، عدا تلك الذكريات الصغيرة والجميلة.