|


أحمد الحامد⁩
طاولة
2020-11-09
هل قرأت قصصًا عن المقامرين، أو عرفت نهاية أحدهم الحزينة؟ أغلب نهايات المقامرين حزينة، بل ومؤلمة ومأساوية أيضًا، خاصةً تلك التي تؤثر في أفراد أسرة المقامر، وتتسبَّب في ضيق حالها، أو تشتتها.
التقيت في لندن رجلًا عربيًّا، كان في قمة الأخلاق والكرم، لكنه كان يعيش وحيدًا وفي وضع مادي سيئ.
تكرَّرت لقاءاتي به، وفي إحدى المرات كنا نسير في طرقات لانكستر جيت، وليس بعيدًا من شارع “إجوار رود” الشهير عند العرب، حينما أشار نحو عمارة، تتكوَّن من 12 شقة، وقال: كنت مالكًا لهذه العمارة، لكنني خسرتها شقةً تلو الأخرى على طاولات القمار.
وعلى الرغم من أنه كان وقورًا إلا أنني شككت في كلامه، ويبدو أنه أحسَّ بشيء ما في نفسي، الأمر الذي جعله في اليوم التالي يُحضر لي ورقةً قديمة عليها اسمه بوصفه مالك العقار، لكن هذا الرجل الذي فقدت أخباره منذ زمن، كان يعيش محبطًا ومتحسرًا، لأنه خسر على طاولة ما بناه في حياة طويلة.
وذكر لي صديق آخر كيف أنه جمع مبلغًا من المال، ليسافر شهرًا كاملًا حتى ينعم بالربوع الأوروبية، وفي اليوم الأول الذي أقام فيه بالفندق، قال له الموظف: إن هناك كازينو للقمار في المكان نفسه. فذهب هذا الصديق إلى الكازينو للاطلاع فقط، لكنه سرعان ما وجد نفسه وقد خسر كل ما يملك، ليعود في اليوم التالي إلى وطنه.
في الولايات الأمريكية وحدها يوجد 2143 صالة قمار، وفي كندا 216، والمكسيك 212، وهولندا 188، وخلف كل صالة قمار آلاف القصص المؤلمة، والانعطافات الكارثية في حياة الكثيرين، الذين كانوا سيحظون بمستقبل رائع لو أنهم كانوا على بُعد مسافات من هذه الصالات. هناك اختراعات حدثت صدفة، ومنها الساندويتش، ما علاقة الساندويتش بالقمار؟ له علاقة. يقال إن جون مونتانو، وهو أحد أشهر المقامرين، كان يقضي وقتًا طويلًا في القمار، وفي إحدى المرات لعب طويلًا لساعات متواصلة، وقيل إنه أمر طباخه بإحضار طعام لا يوقفه عن الاستمرار في اللعب، فأحضر له الطباخ قطعتين من الخبز مع شرائح من اللحم بينهما، وتمكَّن جون بذلك أن يأكل بيد واحدة، ويواصل اللعب بالأخرى، لكنَّ ذلك لم يُسجَّل له بوصفه براءة اختراع، أما أكبر خسارة في أقصر وقت، فما ذُكِرَ عن المقامر روبرت ما كسويل، الذي خسر 1.5 مليون جنيه في ثلاث دقائق فقط! لا أظن أن ابتكار الساندويتش يعوِّض ما فقده الناس جراء كارثة القمار.