|


فهد عافت
أحذية وكُتُب!
2020-11-09
- ميزة أن تتكرر قراءتي، أو سماعي، للشيء نفسه بنفس الفكرة والانحياز إلى ذات الجانب وبنفس الصياغة أيضًا، أقول: ميزة كل هذا التكرار، المُمِلّ، أنه يجعلني أفكّر بالأمر بطريقة مختلفة، وأحاوِل رؤيته من جانب آخر!.
- التكرار، وكثرة ترديد جُمْلة ما، يُشكّكني بصحّتها!. الكَثْرَة تُبدِّد الطمأنينة!.
- سأضرب أمثلةً، وأتعمّد أن تكون بسيطة وغير مؤذية، كما أتمنى أن تكون طريفة!.
- لا أدري من بدأ بهذه الأكذوبة، ولا أدري كيف صارت “عِلْكَة” على ألسِنَة أهل التحليل الكروي: “2/0 هي أخطر نتيجة في كرة القدم”!.
- يوم قيلت، أو يوم سمعتها للمرّة الأولى، والثانية، راقت لي. جعلتني بالفعل أرى الأمر من زاوية جديدة. لكن تكرارها، في كل وقت ومكان ومناسبة وعلى كل لسان، جعلها ممجوجة، واستنفد طاقتها كاملةً!.
- وفي جلسة مع صديق العمر الأمير عبد الرحمن بن مساعد وجدته يحمل نفس الرأي، وبسخريته المعهودة سمعته يقول: “كيف يعني؟! لمّا نسجّل هدفًا هل أطلب من فريقي ألّا يُسجّل الثاني لأنها ستكون أخطر نتيجة؟!”.
- بالعقل والحساب: أخطر نتيجة هي التعادل، وأخطر منها أن تكون مهزومًا بهدف، وأخطر منهما أن تتأخّر بهدفين وهكذا!. أغلب الفِرَق التي نجحت بالتقدّم بهدفين كسبت مبارياتها في النهاية!.
- قيمة المقولة أُهدِرَتْ، كل ما كانت تريد أنْ تُوصي به هو الحرص واللعب بجديّة والتزام حتى النهاية. كل ما في الأمر أن أحدهم صاغ هذه النصيحة بطريقة مغايرة!..
- كان ظِلال الجملة أهم من جسدها، غير أن طول ليل التكرار، حجب الشمس، فلم يَعُد هنالك ظِلّ!.
- كذلك، مثلًا: صارت تتردّد كثيرًا في تطبيقات التواصل، صورة للأحذية مصفوفة على أرفف المحلّات بعناية، مُقابِل صورة للكُتُب يعرضها الباعة فوق حصيرة على الأرض بجانب الأرصفة، متبوعةً بتعليقات من نوع: يا للمهزلة، الأحذية تُكرّم والكُتُب تهان!، وعبارات كثيرة مُشابهة!.
- بصراحة، لا أجد في ذلك أي إهانة أو سوء نيّة أو تخلّف ثقافي من أي نوع!.
- أولًا: الكتب في المكتبات مصفوفة ومرتّبة على أحسن وجه، ثانيًا: لا يُضير الكُتُب ولا يُنقص منها شيئًا إنْ هي وُضِعَتْ على الرّصيف، لن تتسخ أفكار ولا رؤى كتّابها جرّاء ذلك!. كما أن أساليب وصياغات مبدعيها لن تتأثّر!.
بينما يُمكن فعلًا حدوث أضرار كبيرة لبضاعة مثل الأحذية أو غيرها!.
- ثمّ إن منظر الكتب على الرصيف أو في الهواء الطّلق وبكل هذه البساطة، يُجمّل الشارع والفضاء والحياة، وهو ما لا يمكن للأحذية الإسهام بشيء منه حال تناثرها في الشوارع!.
- حتّى باعة الورد والنباتات، يضعون كثيرًا من نباتاتهم الطبيعية خارج المحل، ومنهم من يبيع الفُلّ والياسمين عند إشارات المرور!، بينما يحتفظون بالنباتات البلاستيكية داخل المحلّات، أين الإهانة والاستهانة؟!.