لا يزال البرتغالي هيلدر كريستوفاو، مدرب فريق النصر الأول لكرة القدم سابقًا، يحتفظ بذكريات الموقعة التي قاد فيها فريقه كمدرب مؤقت بديلًا عن الأوروجوياني كارينيو بعد إقالته.
ولم يخلّد هيلدر اسمه في كرة القدم السعودية كونه كان مشرفًا على الفئات السنية في النادي، إلا أن تميزه في الموقعة الأولى على ملعب جامعة الملك سعود بين المتصدر الهلال ووصيفه النصر، خلّدها في ذاكرته وذاكرة جماهير ناديه، وسط اتفاق تام بتفوقه على البرتغالي خورخي خيسوس مدرب الهلال حينها.
ضيف حوار “الرياضية” هيلدر ذكر تفاصيل تلك المباراة التي لا تزال عالقة بذاكرته.

قدت مباراة واحدة بصفتك مدربًا مؤقتًا.. المفاجأة أنها كانت من المباريات التي لا تنسى.. فما تفاصيلها؟
حضّرنا تلك المباراة بثقة، اتفقت مع اللاعبين على الفوز لأنه الديربي ومع فريق يسبقنا في سلم الترتيب، حينما استلمت الفريق بعد كارينيو، المدرب، بدأت بتبني 4ـ3ـ3 بمحور واحد هو بيتروس، وأخذ الفريق بالانسجام معها، لكن في مباراة الهلال تلك قررت أن ألعب بمحورين بإشراك إبراهيم غالب.
لعبنا الشوط الأول بشكل ممتاز جدًا، وتحققت لنا الكثير من الفرص، هتفت للاعبين بعد هدفي الهلال وطلبت أن يكونوا صبورين. بين الشوطين، وضعت للاعبين إحصاءات الشوط الأول على السبورة، وقلت لهم نحن نتفوق في الفرص المتاحة وعلينا الآن أن نسجل في أول 15 دقيقة كي نفوز بالمباراة، لا نريد التعادل.. نحن نريد الفوز، وآمن اللاعبون بكلامي. قررت إدخال يحيى الشهري بدلًا من إبراهيم غالب واللعب بمحور وحيد، وكنت قد حررت أحمد موسى بداية المباراة من المهام الدفاعية للبقاء في الجناح الأيسر ليستلم الكرات، لأنني متيقن من كسبه لأي مواجهة مع الظهير الأيمن للهلال. بعد التعادل لاحظت أن الخطوط في فريقي بدأت تتباعد، وقررت إخراج عبد الرزاق حمد الله، الذي لم يحب استبداله، وإشراك عبد العزيز الجبرين، لاعب المحور، حينما نأتي بالتعادل في ظرف دقائق فهذا يعني قدرتنا على التحكم بالمباراة.

ألم يكن الهلال محظوظًا بإخراجك لحمد الله.. لماذا هذا التغيير؟
مثل كل المدربين، نحن نتساءل حينما نراجع قراراتنا، سألت نفسي ماذا لو بقي حمد الله واستقبل تلك الفرص في آخر المباراة؟ ماذا لو؟ هل سنحققها ونفوز؟ ثم سألت نفسي ماذا لو لم أشرك الجبرين في المحور؟ هل سيعتمد الهلال على التحولات ومدربه يرى بدء فقدان فريقي للتوازن ويحقق الهدف الثالث ويفوز بالمباراة! في النهاية أظن أنني اتخذت القرار الصحيح بإخراج حمد الله من أجل حفظ التوازن بعد أن لاحظت تباعد الخطوط، راجع آخر 10 دقائق، لقد عاد السجال بين الفريقين مجددًا.

لديك تفاصيل كثيرة عن المباراة.. يبدو أنك لم تنسها!
شاهدت المباراة كثيرًا لمراجعتها، بصراحة كانت من أجمل المباريات في مسيرتي، كانت أجواء الملعب رائعة، ومواجهة خورخي خيسوس، المدرب الرائع، كان أمرًا خاصًا، ناهيك عن جودة اللعب في تلك المباراة، كانت نسبة استحواذ النصر 63 في المئة، وأبقيت اللعب في ملعب الهلال معظم المباراة.

قال خيسوس قبل المباراة إنه يعرف ما الذي يدور في رأسك.. ماذا كان يقصد؟
هو يعرف أنني مدرب طموح وأحب اللعب الهجومي، ويعرف أنه يحتاج اللعب بطريقة مماثلة للسيطرة على المباراة، لاحظ أنه بدأ بالضغط العالي على فريقي وأنا أعتمد البناء من الخلف، هو يعرفني جيدًا فنحن عملنا معًا في بنفيكا حيث كنت مدربًا للفريق B وهو مدرب الفريق الأول.

هل تواصلتما قبل المباراة؟
لا لم نتواصل، احترامًا لبعضنا ومن أجل منح كل طرف مساحة من التركيز، لكن بعد المباراة تواصلنا وهنأني، وقال إنها أفضل مباراة له منذ أن بدأ في السعودية.

حتى خيسوس قال إنك تفوقت عليه في تلك المباراة.. لماذا قال ذلك؟
نعم هو يدرك ما حدث في المباراة، وكانت رسالة يوجهها للخارج، لكن في كلامه كذلك قال رسالة لداخل النادي والفريق بأنها مباراة واحدة ولا يزالون متصدرين وسيفوز الهلال بالدوري.

هل كنت ستحقق الدوري لو استمررت مدربًا للفريق في ذلك الموسم؟
بالطبع سنفوز.. لدينا تنظيم جيد وفلسفة كرة قدم ممتازة، كل شيء يقول نحن أبطال. الأمر الآخر رحل خيسوس عن الهلال وجاء المدرب الآخر “زوران” ونسي كل شيء بناه خيسوس، وبدأ بفلسفته الجديدة وبدأت تظهر الأخطاء، لاحظها في النتائج وفقدان النقاط، كان النصر يتصاعد والهلال يتنازل، وروي فيتوريا قدم عملًا جيدًا، وإدارة النصر كذلك. أذكر مباراة الفتح خرجنا بتعادل وكانت الإدارة واللاعبين في غرفة الملابس محبطين بالنتيجة وكأنهم يبكون، قلت لهم صدقوني هذه النقطة قد تتوج النصر بالدوري، وبالفعل هذا ما حدث ظفر النصر بالدوري بفارق نقطة عن الهلال.

هل تعتقد أن مباراة الديربي قدمت اسمك للكرة السعودية حيث شاهدنا استعانة الاتفاق بخدماتك مؤقتًا في ذلك الموسم؟
أتمنى ذلك، فالأمر لا يعد بديهيًا هكذا! أدرك أنني قدمت خططًا لم يكن أحد يتوقعها، وربما صحيح تلك المباراة تفتح لي الباب للتدريب في السعودية، وهذا ما أتمناه. اللاعبون السعوديون مهرة ولكنهم يفتقدون للإخلاص لمهنتهم، يجب أن تتعدى كرة القدم لديهم أنها ساعات التمرين، وأن تكون نمط حياة وتفكير مستمر.

لماذا لم تقنع النصر بالاستمرار لنهاية الموسم بدلًا من التعاقد مع روي فيتوريا؟
أحبَ الكثير من صانعي القرار في النصر عملي واجتمعت في بيت الرئيس في ذلك الوقت، لكنني لست اسمًا قويًا في عالم التدريب. نعم لدي فلسفة وعقلية جيدتان، ولكنني للجمهور لست اسمًا كبيرًا مقنعًا لهم، حيث كانوا يشددون على جلب اسم كبير في عالم التدريب. سيكون أمرًا غير محتمل إذا فشل الفريق في الظفر بالدوري بمدرب جاء من فئة الشباب. وأنا أشكر إدارة النصر على حسن ظنهم بي.
تحدثنا شفهيًا في بوروتو في صيف 2019 واتفقنا على أن أكون مدير كرة القدم للفئات السنية لمدة 4 مواسم، ولكن تفاجأت أنهم تراجعوا قبل أن نوقع أي شيء رسمي، ولا أعرف من قرر ذلك!