|


فهد عافت
ب!
2020-11-30
- الكلمة المكتوبة قويّة بضَعفها!. لارتخائها وعَوَزها جبروت!.
- لا تُصحّح لكاتبها أي خطأ يقع عليها في الإملاء أو النّحو!. وإنْ هو مالَ بالكتابة منحرفًا عن السطر أو الاستقامة فإنها تميل وتنحرف!.
- لا تشتكي من شيء ولا ترفض شيئًا!. وكأنها كانت تعرف أن الطباعة ستأتي ويستقيم السطر، وأنّ بعض الناس ستكون مهنتهم تصحيح هفوات الإملاء وأخطاء النّحو والصّرْف!. وأنّ أجهزة صغيرة ستتدخّل في يوم ما، لمساعدة الكاتب في مثل هذه الأمور!.
- اكتفت منذ البدء بالتحايل على الناس ليقبلوا شكل أحرُفِها كما تريد!. كأنها عقدت صفقة: اقبلوا شكل أحرفي مثلما هي، وأقبل شكل انحرافاتكم مثلما هي!.
- في العربيّة، مثلًا، اكتفت بأنّ تكون الباء رسمًا مقلوبًا لطاولة صغيرة، عليها فنجان قهوة صغير، ارتفع للتّو، لم يَبْقَ على الطاولة ولم يصل إلى فم مُرتِشِفِه!. مَحَت من الوجود: اليد المُمْسِكَة بالفنجان، حذفت من الصورة الإنسان كلّه، وأبقت على الرسم المقلوب، وقالت هذه هي: الباء!. وهكذا فعلت مع بقيّة الحروف من الألِف إلى الياء!.
- بالتحايل أخذت الموافقة على شكلها بالإجماع في كل لغة!. ومن يومها، لم تعد تشغَل نفسها بغير مهمّة واحدة: ولادة الكلمة التي تليها!.

* * *
- سطر من رواية “حتى لا تتيه في الحي” لباتريك موديانو: “وجد نفسه في حضور بعض التفاصيل من حياته، لكنها تفاصيل معكوسة في زجاج يحرفها”!.
- أظن أنّ الفنّان، وعبر ذكرياته، عبر ما يمرّ في البال خطفًا من ذكريّاته، يجد دائمًا ما يعينه في عمله، لكنه لا يحكي حكايته كما هي، حتى لو راح يكتب سيرته الذاتيّة!.
- كل لمحة خاطفة ممّا مرّ به وجرى عليه، تأتي فجأة، دون استدعاء ولا قصد، ثمّ لا تدخل عمله الفني كما هي عليه في الأصل، ثمّتَ زُجاج خفيّ، غير مرئي، يحرفها: كيف؟!، وإلى أين؟!، الفنّان نفسه لا يدري، إلا بعد انتهائه من العمل، وأحيانًا يموت وهو لا يدري ما الذي كان حقًّا وما الذي صار فعلًا!.