|


فهد عافت
الأسطورة!
2020-12-01
- وداعًا مارادونا: على نحوٍ لا مثيل له، طاوَعَتْكَ الكُرَة التي كانت لعبتك، وطاوعتَ الدروب التي كنت لعبتها!.
- لعلّه المبدع الوحيد، الوحيد بمعنى الكلمة، الذي غُفِرَت له من الناس جميع زلّاته!. لم يكن بالإمكان فعل غير ذلك، بعد أن أعطى للدّنيا، صغيرها وكبيرها، ناسها، عشبها، خشبها، ألوانها، خطوطها وخيوطها، الدهشة كاملة مُكمَّلَة، إنه مارادونا!.
- وكاملًا مكمّلًا، أعطى الناس الفرح والحزن، الفخر والهوان!، التجبّر والتّعيّر!. إنه مارادونا!.
- عادةً، يكون حزن الناس أقلّ، عندما يتّصف شكل النهاية بالوضوح وطول الزمن!. على الأقل لا يكون للحزن طعم الفجيعة!.
- مارادونا كان استثناءً حتى في موته!. كثير من الناس، كثير جدًّا، كثير بما لا يُعدّ، اكتشفوا فجأة أنّ حبّهم له لم يأخذ شكلًا متراخيًا إلا على سبيل المراوغة!. وأنّ هذا الحبّ كان متأهِّبًا، بانتظار الدَّوِيّ!، على نحو يفوق ظنون مشاعرهم!.
- أجمل ما سمعته عن عظمة الأسطورة الكرويّة، ما قاله لي صديقي “فارس عوض”، كنّا نتحدّث بحزن حقيقي عن رحيل مارادونا، حزن لم نكن نتخيّله إلى هذا الحدّ، وفجأة قال لي: يُمكِن للإعلام، لعدد قليل من أهل الإعلام، مسح أسطورة أي شخص في أسابيع، أو شهور، أو سنة، مهما حاول صاحبها الدفاع عنها. مارادونا
ولأكثر من رُبع قرن، ظلّ يحاول بنفسه وبكل الطُّرق مسح أسطورته ولم ينجح!.
- يا ربّاه!. الإبداع أكثر أهميّةً من الأخلاق!. لكن هذه قناعة بحاجة إلى مراجعة: خارج فنّه، كان على مارادونا بالتأكيد مآخذ ياما!. مآخذ لا يمكنها إلّا أن تُبقيه عِبْرَةً وعِظَة!.
لكن ماذا عنه داخل فنّه؟! ماذا عن أخلاق فنون كرة القدم؟!.
أخلاق الفنّ: جماليّاته!.
في هذه الناحية ومن هذه الزاوية: فعل مارادونا كل ما لا يمكن إلا أنْ يُبقيه مَثَلًا وقدوةً!.
- حتى هذه اللحظة، لم تعرف الحياة شكلًا أكثر من الموت لإنصاف المبدع!. بل ولا شكلًا أكثر من الموت لإنصاف الإنسان من نفسه!. الموت هو أكثر الأشكال الحيّة القادرة على إسباغ أكبر قدر ممكن من النزاهة النقديّة حين يتعلّق الأمر برأي أو عمل أو تجربة راحِل!.
- العظماء لا يُمكن للموت إلا أن يُحْيِيهِم من جديد!. هل ودّعْتُكَ أول الكتابة، أعتذر: أهلًا مارادونا، أهلًا وسهلًا!.