أحب العطور، وكلما سافرت إلى عاصمة بحثت عن عطاريها الذين يصنعونها بالطرق التقليدية، وأجدهم دائمًا في دكاكين الأحياء القديمة، دكاكين قاومت الزمن قدر إمكانها لكي تبقى، فأضافت لها مقاومتها لونًا عتيقًا يشبه ألوان العنبر والعود، ثبتت في وجه رياح العطور الفرنسية كما تثبت رائحة العطر المصنّع بمهارة، ومع أنها تلقت العديد من الضربات الموجعة من عطور فرنسا فائقة الجودة، إلا أن مجرد بقائها كدكاكين تصنع العطور بمركبّاتها الطبيعية يُعد انتصارًا.
والعطور صناعة قديمة وعمر روائحها بعمر الزهور والنبات العطرية، ولا تتغير إلا امتدت يد العطار ومزجت بدراية تامة بين الزيوت العطرية لكي يصنع عطرًا برائحة جديدة، مازلت إلى الآن أحتفظ ببعض العطور من عطارين القاهرة ودمشق وبيروت وجدّة، ثم وجدت نفسي أفكر في تعلم مزج العطور، كهواية أمارسها في البيت، ثم أهدي الإنتاج الجيد للأصدقاء، قد تكون رغبة مؤقتة.
قبل مدة كنت في دبي، ومارست عادة البحث عن العطارين، وبعد أن اشتريت من أحد الدكاكين وكان صاحبه ودودًا بشوشًا تذكرت رغبتي، فقلت له: ما رأيك لو قمت بتعليمي صناعة العطور وسأدفع لك مقابل ذلك، ابتسم وهو ينظر في وجهي وكأنه يقدر سنوات عمري، ثم قال: ليس لدي مانع في ذلك، لكن تعلّم صناعة العطور تحتاج إلى الزمن، تحتاج أن يذهب الطفل الصغير إلى مدرسته الابتدائية ثم المتوسطة ثم الثانوية، ثم الجامعة لكي يصبح دكتورًا أو مهندسًا أو أي مجال يختاره، فهمت ما قصده تمامًا، كان بإمكانه أن يقول إنني في سن كبيرة ولا تصلح الآن لتعلم صناعة العطور، لأن صناعة العطور تحتاج إلى تراكم من التجارب والخبرات، لكن أخلاقه الحسنة منعته من مباشرة قد تبدو فجة وإن كانت حقيقة، فعرفت أنه يقدم اعتذاره بعبارات مهذبة وصحيحة، ثم قال وأنا أغادر حاملًا عطوري التي اشتريتها: حاول أن تتطلع على بعض الدروس الموجودة على اليوتيوب، قد تطلعك على بعض القواعد الأساسية.
عندما خرجت من الدكان وأنا مُعطر بالروائح الزكية بقيت كلمات العطّار تدور في عقلي، لا يستطيع الإنسان أن يحرق المراحل دائمًا، وإن أصّر وفعل فقد تظهر عنده نواقص كثيرة يدفع على إثرها تكاليف عدم خبرته، التمسك بالمجال الذي استثمر فيه الإنسان حياته هو حفاظ على قدراته وقوته.
والعطور صناعة قديمة وعمر روائحها بعمر الزهور والنبات العطرية، ولا تتغير إلا امتدت يد العطار ومزجت بدراية تامة بين الزيوت العطرية لكي يصنع عطرًا برائحة جديدة، مازلت إلى الآن أحتفظ ببعض العطور من عطارين القاهرة ودمشق وبيروت وجدّة، ثم وجدت نفسي أفكر في تعلم مزج العطور، كهواية أمارسها في البيت، ثم أهدي الإنتاج الجيد للأصدقاء، قد تكون رغبة مؤقتة.
قبل مدة كنت في دبي، ومارست عادة البحث عن العطارين، وبعد أن اشتريت من أحد الدكاكين وكان صاحبه ودودًا بشوشًا تذكرت رغبتي، فقلت له: ما رأيك لو قمت بتعليمي صناعة العطور وسأدفع لك مقابل ذلك، ابتسم وهو ينظر في وجهي وكأنه يقدر سنوات عمري، ثم قال: ليس لدي مانع في ذلك، لكن تعلّم صناعة العطور تحتاج إلى الزمن، تحتاج أن يذهب الطفل الصغير إلى مدرسته الابتدائية ثم المتوسطة ثم الثانوية، ثم الجامعة لكي يصبح دكتورًا أو مهندسًا أو أي مجال يختاره، فهمت ما قصده تمامًا، كان بإمكانه أن يقول إنني في سن كبيرة ولا تصلح الآن لتعلم صناعة العطور، لأن صناعة العطور تحتاج إلى تراكم من التجارب والخبرات، لكن أخلاقه الحسنة منعته من مباشرة قد تبدو فجة وإن كانت حقيقة، فعرفت أنه يقدم اعتذاره بعبارات مهذبة وصحيحة، ثم قال وأنا أغادر حاملًا عطوري التي اشتريتها: حاول أن تتطلع على بعض الدروس الموجودة على اليوتيوب، قد تطلعك على بعض القواعد الأساسية.
عندما خرجت من الدكان وأنا مُعطر بالروائح الزكية بقيت كلمات العطّار تدور في عقلي، لا يستطيع الإنسان أن يحرق المراحل دائمًا، وإن أصّر وفعل فقد تظهر عنده نواقص كثيرة يدفع على إثرها تكاليف عدم خبرته، التمسك بالمجال الذي استثمر فيه الإنسان حياته هو حفاظ على قدراته وقوته.