أحمد الحامد⁩
مشهد الإنسان.. أكشن
2021-01-03
لو كانت هناك كاميرا تراقب الإنسان كما تراقب اللاعب في الملعب لاكتشف نفسه بطريقة جديدة لا يعرفها عنها، بشرط أن يكون التصوير صوت وصورة، وقد يتعجَّب عندما يشاهد بنفسه كيف أنه في حالات عدة يشبه كل الذين لامهم على سوء تصرفهم وذهاب حكمتهم.
نحن نستطيع أن نرى اللاعب الأناني في الملعب بكل وضوح، لكنه لا يرى ذلك، أو لا يدري تمامًا حجم أنانيته إلا عندما يشاهد شريط المباراة، ويوبِّخه المدرب، ويعاتبه رفاقه، أو يصله صدى أنانيته من الجماهير الغاضبة على إضاعته فرصةً لعدم تمريره الكرة إلى زميله الذي كان في وضعية مناسبة للتسديد نحو المرمى. نحن بشكل ما، بوصف ما، في أحيان ما نشبه هذا اللاعب، وإن بصفات أخرى.
في الحب، يشعر العاشق، الذي يعيش في أجواء ودية مع معشوقته، بأن الحياة ما خُلقت إلا للحب، لكنه، وهو الذي شعر هذا الشعور وصرَّح به، بمجرد أن تنهار علاقته بحبيبته، تتبدَّل آراؤه تجاه الحب، ولن يتأخر في وصفه بالمنتج الإنساني الفاشل، بل وسينكر وجود الحب قائلًا: إن حقيقته علاقةُ مصالح مخفية أولًا وأخيرً! ثم هو نفسه، وبمجرد عودة العلاقة مع معشوقته، وشعوره من جديد بالمشاعر التي يصنعها سحر الحب، يتنكَّر، أو يتناسى دون انتباه منه كل الأوصاف القاسية التي قالها ودافع عنها عندما كان الحب في نظره مجرد كلمة، أو وصف لشيء أسطوري وغير حقيقي.
الإنسان يحتاج إلى كاميرا، وإلى أدلة بالصوت والصورة تدين تناقضاته، وتُظهر غروره في لحظات قوته، وتواضعه في لحظات ضعفه، تُظهر انتقاداته اللاذعة عندما لا يكون منتفعًا، ورضاه الكامل عندما ينال نصيبه، تُصوِّره وهو يتبنَّى شعارات لا تكلفه أكثر من الكلام، ثم وهو يتخلى عنها عندما يكون قادرًا على تنفيذها. كل هذه الأدلة ليست لفضحه، بل لكي يتواضع، ويتعلم.
قد يقول أحدٌ ما: إنه ليس كذلك. وهذا صحيح، إنما أقصد نفسي أولًا ومَن يشاركني الاعتقاد. أعلم أن الناس مختلفون، طباعًا وأخلاقًا، لذا أنا أتحدث عن الإنسان بصورة عامة، وبالطبع هناك استثناءات لأفراد يُشهد لهم بالتميُّز، وأنا لا أعمِّم، كما أن هناك مَن يعتقد، وعلى مسؤوليته، بأنه بعيدٌ كل البعد عما يستحق تسميته بالخطأ، وإنما هي زلات صغيرة، وأنه أشبه بالمسطرة، ومَن يدري فقد يكون كذلك.