|


فهد عافت
رباعيّات!
2021-01-31
«1»
ـ كثير ممّن يتطاولون عليك في تطبيقات التواصل، يرونك كبيرًا، ويرون أنفسهم صغارًا!. أمّا كونهم صغارًا فهم على ثقة من أمرهم هذا!. لكن ربّما لديهم قليل من الشّكّ فيما يظنونه فيك، ويتمنّون أن يكبر هذا الشّكّ قليلًا، بحيث لا تكون كبيرًا، وبعيد المدى، كما يظنّون!.
ـ لذلك تجدهم لا يتورّعون، ولا يخشون سقوطًا أكثر ممّا هم في دَرِكِه!، يتحدّثون بسفالة وفُحش وابتذال وسفاهة، وكل أملهم، ومطامعهم، أن يحصلوا منك على ردّ يتصف بواحدة من هذه الصفات أو يقترب منها!. لا تُمكِّنهم من ذلك!. حتى لو لم تكن كبيرًا وعاليًا كما يتوهّمون، زِدْهم توهّمًا!. صمتك، وتجاهلك وتغاضيك، يزيدهم غَمًّا وكآبةً!.
ـ بذلك تكسب من كل جهة: تتعلّم الصبر، وهذا كسب مؤكّد ورائع!، وربما تتعلّم العفو والصّفح، وهل أطيب من دربٍ إليهما؟!، وتردّ الصّاع صِيعان!.
ـ فإن لم يَطِب لك كلامي هذا، ولم تجد منه فائدة، فعلى الأقل لن تكون مجبرًا بعد اليوم على قول: “رَدّ الصّاع صاعين”، وأنت تقصد أكثر لكنك لا تعرف إلا مُثنّى الصّاع!. جَمْعُ الصّاع: أَصْوُعٌ، وصُوعانٌ، وصِيعانٌ!.
“2”
ـ قل: هناك كُتُب مكانها سلّة المُهملات!. لا أدري كيف تجرّأ أصحابها على الكلمة!. أضِف عبارات تذمّر!. هَمْهِم ودَمْدِم أكثر!.
سيكون كلامك صحيحًا، وله من الأدلّة الكثير. لكن في النهاية: لن يسعد بكلامك هذا غير كارهي الكتب، والذين لا يحبّون القراءة!. عجزوا عن التشافي فأتحت لهم التّشفّي!. عجزوا عن التبرير فأتحت لهم البربرة!.
ولأنّ عددهم كبير، هنيئًا لك. سوف تحظى بجماهير، يحيط بك ضجيج مديحهم، وهم يجيدون التصفيق، فحتى قبل وجودك، ومن غير وجودك، يصْفقون كفّ بكفّ!.
“3”
ـ كانت الشهرة ذيلًا لرأس ما!. وهذا هو مكانها الخَلْقِي في طبيعة الأمور!.
لكن، ومع إعصار السوشل مديا، الأمور تغيّرت وطبيعتها اختلفت!. صار الذّيل رأسًا!.
ـ اليوم، صار يكفي أن تقول: فلان مشهور. مسألة “بماذا؟!”، أو “لماذا؟!”، مسائل ثانويّة، على الهامش، وغير ذات أهميّة!.
ـ أتذكّر الحجّة الواهية لبعض أهل الفنّ، السينمائي تحديدًا: أقبلُ أي دور لأنني في البداية وأريد الانتشار، وبعد الانتشار يبدأ الاختيار!. ليتنا بقينا على الحجّة الواهية!. اليوم، ينتشر المرء دون حتى وعد بالاختيار، ينتشر لكي يحصل على أكبر قدر ممكن من فلوس الإعلانات!.
“4”
ـ قبل أيام، وعلى حسابه في “تويتر”، غرّد أستاذنا عبد الله الكويليت: “الأصدقاء القدامى خبز القلب والروح، رائحة الذكريات وطعم البساطة الفذ والعفوية الحرّة والصدق المُعتّق.. حافظوا عليهم بأسنانكم وأرواحكم فهم لا يتكررون”.
قرأت التغريدة، وبامتنان، تذكّرت وجوه أحبّةٍ، حافظوا علينا بأرواحهم، لكنني تذكّرت أيضًا، ويا للحسرة، بعض ممّن حافظوا علينا بأسنانهم فقط!. وجوه، تبتسم لك حين تلقاك، وما أن تبتسم حتى ترى بقايا من لحمك بين أسنانها!.