|


أحمد الحامد⁩
الذاكرة والعطارون
2021-02-14
بعض من تفوقوا في دراستهم كانت لديهم قوة في الحفظ، ما زلت أتذكر زملائي “الحفظة” وهم يتلقون الثناء من المعلم بعد ترديدهم للأناشيد الطويلة، بينما رحت أغوص إلى الأسفل لكي لا ينتبه المعلم لوجودي ويقول: قوم سمّع! أظن بأنني واحد من المظلومين الذين درسوا في الزمن الذي كان فيه التعليم يعتمد على الحفظ.
للأمانة.. حتى لو كان يعتمد على الفهم لا أظن بأنني سأكون متفوقًا، لأنني كنت أعاني من حالة “السرحان” الدائم أثناء شرح الدروس، النتيجة أنني لم أتفوق في الدراسة، ولم أحقق ما كان يسرح عقلي فيه، أتذكر أحد الزملاء كان يحفظ النشيد من القراءة الأولى أو الثانية على أكثر تقدير! ضعف الذاكرة له مسببات.
أما قوة الذاكرة فتأتي من ضمن “الباكيج” الذي يحصل عليه الإنسان عند ولادته، وما زلت أعتقد بأن قوة الحفظ من أهم النعم التي يحصل عليها الإنسان، والحمد لله أن الكثير من الناس لم يحصلوا على هذه النعمة، وأنا من ضمنهم، وإلا لأزعجت العالم بما أحفظ كما يفعل البعض.
من أسوأ ما أتعرض له في يومياتي، عندما ألتقي شخصًا أكون قد نسيت اسمه، أبادله التحية الحارة، وقد تنتهي الصدفة العابرة دون أي إحراج، لكنها تكبر وتصبح محرجة عندما يأتي شخص آخر ويتطلب مني حينها أن أقوم بتعريفهما على بعض، خالفت هذا البروتوكول كثيرًا وبدوت جاهلاً بـ “علوم الرجال”، لا يهم.. كان على الشخص الثالث ألا يأتي إلينا طالما لم ندعوه للحديث معنا.
وبما أن هناك مستفيدًا دائمًا في أي مشكلة أو ضعف، فقد فتح ضعف الذاكرة لدى الكثير من الناس سوقًا مهمة للعطارين، وهم ـ ما شاء الله ـ لديهم كل الحلول والعلاجات، ولن تجد عطارًا في مكان ما يقول لك إنه لا يعرف، أو ليس لديه العلاج المناسب لما تشكو منه، وأكثر ما يكره العطارون هو المثل القائل: لا يصلح العطار ما أفسده الدهر، متهمين الأزواج بنشر هذه المقولة الخاطئة، قائلين إن الأزواج إما بخلاء لا يريدون دفع تكاليف الأعشاب والنباتات العلاجية لزوجاتهم، أو أنهم يرون في تقدم زوجاتهم في السن سببًا كافيًا للزواج عليهن، يقول أحدهم إنه ذهب لأحد العطارين وقال له: هل لديك علاج لضعف الذاكرة؟ فقال العطار وهو ينظر نحو الأكياس الممتلئة: نعم لكنني نسيت أين وضعته!.
أنا أيضًا يا أعزائي نسيت السبب والموضوع الذي جعلني أكتب هذا المقال، وهل كان عن ضعف الذاكرة أم عن قوة الحفظ أم عن العطارين، السلام عليكم.