|


أحمد الحامد⁩
العالم المتكامل
2021-05-02
هذا العالم متداخل بشكل لا يُصدّق، وكل ما لدى شعب ما فيه أثر من شعب آخر، تنشر الولايات المتحدة الأمريكية العدد الأكبر من الكتب كل عام على مستوى العالم، لكنها تطبعها على ورق ابتكره الصينيون.
وعرفنا ونحن صبية جمهورية البرازيل الاتحادية من سحر لاعبيها في كرة القدم، اللعبة التي ابتكرها الإنجليز ووضعوا قوانينها، قبل ابتكارهم هذا قدموا الشاي الإنجليزي المزروع في الهند وسيلان، مثلما قدمت بلجيكا الألماس لنساء العالم - ويدفع ثمنه الرجال طبعاً - إلا أن لا قطعة ألماس في أي أرض بلجيكية، ومصدره من مناجم دول أفريقيا الفقيرة، ومهما حاولت شركات الأزياء والملابس الأوروبية من تطوير وتجديد تصاميمها، إلا أنها لن تستطيع الاستغناء عن القطن المصري “أبو فتيلة طويلة” لأنه الأفضل.
نحن البشر في قارات العالم متداخلون ومرتبطون بطريقة لا فكاك منها، ولماذا نفك هذا الارتباط الذي يصنع الأشياء من حولنا، هل نستطيع أن نتخلى عن بعض الأطباق اللذيذة على سفرة طعامنا لمجرد أننا لم نبتكرها في الأصل؟ هل يقبل المصريون أن يتنازلوا عن الكُشري الذي يقول المصريون بأنه طبق جاء به الهنود مع القوات البريطانية عام 1914 ؟ إن قبل أحبتنا في مصر أن يتنازلوا عنه فأنا ومن باب العروبة لن أتنازل عنه، لأنه لذيذ أولاً، ولأن المصريين أضافوا عليه “الدقة” وهذا بحد ذاته يعتبر ابتكاراً وتطويراً فاتحاً للشهية.
وعلى ذكر الابتكارات والعالم المتداخل والمترابط، هل تعرفون لماذا تتضاعف ابتكارات الصين كل عام خصوصاً التقنية منها، هي تبتكر فعلاً ابتكارات تقنية خاصة بها، لكن جزءًا من ابتكاراتها المسجلة أساسه ابتكارات أمريكية، كل ما تفعله الصين في الابتكارات الأمريكية أنها تقلدها مع إضافة شيء ما فوق الابتكار الأمريكي، وبذلك وفي قانون الابتكارات الدولي يصبح ابتكاراً جديداً، تماماً مثل “الدقة” المصرية فوق الكشري الهندي.
لا أنصح أي عربي أن يوجه السؤال التالي للغة الإنجليزية: ماذا ستفعلين إن سحبنا كل كلماتنا العربية منك ؟ هل تستطيعين الصمود دون وجود كلمات مثل chemistry المأخوذة من كلمة الكيمياء العربية ؟ ثم كيف سيكون وضع لغتك الإنجليزية يا خواجة من دون وجود كلمة Earth المأخوذة من كلمة أرض ؟ لن أزيد على ذلك وأقول بأن lemon هي ليمون العربية و jasmine هي ياسمين، لن أزيد على ذلك رغم وجود كلمات عربية كثيرة في اللغة الإنجليزية، لأن الدخول في هذا النقاش لن يخرج العرب منه فائزين في زمننا هذا، لأننا نستخدم الكلمات الإنجليزية أصلاً أكثر من استخداماتهم لكلماتنا، خصوصاً وأن لغتهم هي اللغة الرسمية الأولى في عالم اليوم، لذلك ومن الأفضل أن لا نفتح موضوع أصل الكلمات ونقبل بالتبادل الحاصل، لأن وعلى سبيل الذكر وليس الحصر، ديكور أصلها إنجليزي، وتليفون كلمة إنجليزية وهم أخذوها من talaphona من اليونانية، وتلفزيون فرنسية من جزأين : tala الموجودة في التليفون وvision وتعني الرؤية بالفرنسية، في اللغة التركية هناك الكثير من الكلمات العربية، مثلما هناك الكثير من الكلمات التركية التي أخذناها منهم، وأشهرها “جمرك” التي طبقوها علينا كثيراً.