يقال لا تعمل كثيرًا بقدر ما تعمل جيدًا، أهداني أحد الزملاء مؤلفاته، مجموعة كتب كتبها في ثلاث سنوات، تألمت بعد أن قرأت بعضها واطلعت على البعض الآخر، لأنه لم يعط أفضل ما لديه، بل أسرع ما عنده، وبهذا ظلم نفسه وظلم القارئ معه.
المستفيد الوحيد هي دار النشر لأن مصاريف الطباعة كانت على حساب الزميل العَجول، وقد يدرك لاحقًا خطأه ويقدم مؤلفًا ينصف موهبته التي ألبسها ملابس ضيقة وأخرى عريضة. ليس في النشر يستعجل البعض خصوصًا أن وجود مؤلف باسمهم فيه الكثير من الإغراء، بل الاستعجال يكاد يكون في كل المجالات، حتى في كرة القدم هناك مهاجمون يستعجلون في التسديد من بعيد جدًا، فتأتي تسديدتهم ضعيفة وسهلة على حارس المرمى، في الوقت الذي كان عليهم التأني وكسب أمتار إضافية إلى الأمام. مع انتشار صناعة العطور دخل أحد الأصدقاء المجال، لكنه لم يقدم أي عطر للأسواق طوال عامين، وصار المحيطون به يحثونه على إنتاج بعض العطور التي كان يجرب تركيباتها عليهم لأخذ آرائهم، لكنه لم يستمع إليهم وراح يدقق أكثر في تفاصيل تركيباته العطرية، ويستبدل بعض أصنافها بذات الجودة الأفضل، حتى أنتج ثلاثة عطور نفدت من الأسواق بسرعة البرق، ثم صنع منها كميات أخرى جعلته في بحبوحة مالية ممتازة. عن هذه التجربة يحكي بأنه كان يعلم بأن تجاربه التي امتدحها من جربوا تركيباتها الأولية كانت مبشّرة، لكنها كانت الهيكل الذي يبنى عليه وليست المنتج النهائي الذي يستحق تقديمه، وأنه تمهل وفكر وراجع ما يفعله، إلى أن شعر بأنه اكتفى وتشّبع فقدَم ما اعتقد بأن الغالبية ستحبه، ثم وضع الثمن الذي يريده وكان ثمنًا مرتفعًا لكنه معقول قياسًا بالجودة. كان عندي صديق عملت معه في لندن، كان أنيقًا لدرجة لافتة، يلبس ملابس مفصّلة على مقاسه بصورة دقيقة، كما أن خياطتها فيها من المهارة ما يجعلك تقرر بأن الخيّاط الذي فصّل للزميل ملابسه ولد ليعمل في الخياطة وليس في أي مجال آخر، مثل ميسي ورونالدو ولدا ليلعبا كرة القدم فقط. أعود لصاحبي الذي طلبت منه أن يصحبني إلى هذا الخياط الذي قال منذ البداية بأنني لن أستلم ملابسي إلا بعد عشرة أسابيع، وبعد الحديث معه اكتشفت بأنه لا ينهي سوى قطع محددة في كل شهر، لأن كل قطعة ينجزها تأخذ وقتًا كافيًا من العمل، لم أتضايق من تأخر استلام الملابس لأنني لم أقم بتفصيلها، لأن السعر كان مرتفعًا جدًا بالنسبة لي، كانت المدة الطويلة عذرًا كافيًا للهروب، لكني على الأقل اطلعت على بعض تفاصيل العمل المتقن، وبأن إعطاء الوقت الكافي للعمل وعدم الاستعجال من شروط النجاح، وبأن زميلي يدفع كثيرًا مقابل أناقته.
المستفيد الوحيد هي دار النشر لأن مصاريف الطباعة كانت على حساب الزميل العَجول، وقد يدرك لاحقًا خطأه ويقدم مؤلفًا ينصف موهبته التي ألبسها ملابس ضيقة وأخرى عريضة. ليس في النشر يستعجل البعض خصوصًا أن وجود مؤلف باسمهم فيه الكثير من الإغراء، بل الاستعجال يكاد يكون في كل المجالات، حتى في كرة القدم هناك مهاجمون يستعجلون في التسديد من بعيد جدًا، فتأتي تسديدتهم ضعيفة وسهلة على حارس المرمى، في الوقت الذي كان عليهم التأني وكسب أمتار إضافية إلى الأمام. مع انتشار صناعة العطور دخل أحد الأصدقاء المجال، لكنه لم يقدم أي عطر للأسواق طوال عامين، وصار المحيطون به يحثونه على إنتاج بعض العطور التي كان يجرب تركيباتها عليهم لأخذ آرائهم، لكنه لم يستمع إليهم وراح يدقق أكثر في تفاصيل تركيباته العطرية، ويستبدل بعض أصنافها بذات الجودة الأفضل، حتى أنتج ثلاثة عطور نفدت من الأسواق بسرعة البرق، ثم صنع منها كميات أخرى جعلته في بحبوحة مالية ممتازة. عن هذه التجربة يحكي بأنه كان يعلم بأن تجاربه التي امتدحها من جربوا تركيباتها الأولية كانت مبشّرة، لكنها كانت الهيكل الذي يبنى عليه وليست المنتج النهائي الذي يستحق تقديمه، وأنه تمهل وفكر وراجع ما يفعله، إلى أن شعر بأنه اكتفى وتشّبع فقدَم ما اعتقد بأن الغالبية ستحبه، ثم وضع الثمن الذي يريده وكان ثمنًا مرتفعًا لكنه معقول قياسًا بالجودة. كان عندي صديق عملت معه في لندن، كان أنيقًا لدرجة لافتة، يلبس ملابس مفصّلة على مقاسه بصورة دقيقة، كما أن خياطتها فيها من المهارة ما يجعلك تقرر بأن الخيّاط الذي فصّل للزميل ملابسه ولد ليعمل في الخياطة وليس في أي مجال آخر، مثل ميسي ورونالدو ولدا ليلعبا كرة القدم فقط. أعود لصاحبي الذي طلبت منه أن يصحبني إلى هذا الخياط الذي قال منذ البداية بأنني لن أستلم ملابسي إلا بعد عشرة أسابيع، وبعد الحديث معه اكتشفت بأنه لا ينهي سوى قطع محددة في كل شهر، لأن كل قطعة ينجزها تأخذ وقتًا كافيًا من العمل، لم أتضايق من تأخر استلام الملابس لأنني لم أقم بتفصيلها، لأن السعر كان مرتفعًا جدًا بالنسبة لي، كانت المدة الطويلة عذرًا كافيًا للهروب، لكني على الأقل اطلعت على بعض تفاصيل العمل المتقن، وبأن إعطاء الوقت الكافي للعمل وعدم الاستعجال من شروط النجاح، وبأن زميلي يدفع كثيرًا مقابل أناقته.