|


تاليسكا.. ابن بائعة متجولة.. تفنن في تعذيب خصومه

الرياض ـ عبد الرحمن عابد 2021.05.20 | 10:34 pm

قدمه اليسرى تسرّ الناظرين، بفضل أسلوبه الرشيق في مداعبة الكرة، ومروره السهل بين المدافعين مثلما يفعل السكّين الحاد في الزبدة، حيث يملك لمسة فردية رائعة، ترافقها قوة مستندة على طول فارع يناهز المترين، بينما يتفنن بتسجيل الأهداف المقوسة على طريقة البلاي ستيشن (R2)، فيما لم تخدمه ظروف الحياة باستعراض موهبته عالميًا، محتذيًا بأبناء وطنه الذين يجمعون الأموال، تطبيقًا لمقولة النجم الشهير أوسكار: تأمين مستقبل العائلة أهم من دوريات أوروبا كلها.



ولد أندرسون تاليسكا يوم 1 فبراير 1992، لأبوين برازيليين من مدينة فييرا دي سانتانا التابعة لولاية باهيا، التي تشتهر بشواطئ جوز الهند على سواحل المحيط الأطلسي، فيما تعرف بمدينة السعادة، لكثرة المهرجانات الصاخبة والأجواء الاحتفالية في الشوارع، باعتبارها مسقط رأس ملك البوب راؤول سيكساس، ومبتكر موسيقى البوسا نوفا، جواو جيلبرتو الذي خلط موسيقى السامبا التقليدية باستخدام الجيتار وتأثيرات الجاز، بينما تعد حاليًا مركزًا لصناعة السيارات الثقيلة، وتصدير القطن وقصب السكر والفواكه الاستوائية اللذيذة.



تلقى الطفل الصغير أول صدمة في حياته، بانفصال والده أوجوستو عن أمه إيفون قبل أن يكمل ربيعه الخامس على هذا الكوكب، ما اضطره إلى العيش مع والده الفقير وجدته آنا فييرا، حتى بلغ عامه الحادي عشر، منتقلًا للعيش مع أمه في مزرعة تقع ضمن منطقة ساو جوزيه، تلك الفترة وصفها الابن لاحقًا بالأصعب في حياته، لعدم قدرة والدته إيفون على تحمل غلاء المعيشة، رغم كفاحها بالعمل في عدة وظائف، على غرار عاملة نظافة وبائعة ملابس متجولة ومديرة لشركة حافلات، وعن تلك الفترة يقول تاليسكا: "كنت جائعًا حقًا، إذ كنت أعيش على الدقيق والخبز والعصير فقط".



بدعم مباشر من الأبوين المتخاصمين المنفصلين، التحق الصغير الملقب بـ"دودو" بأكاديمية أسترو التابعة لمؤسسة فييرا دي سانتانا لاكتشاف مواهب الأطفال، ومع بزوغ موهبته وبداية تشكل بنيانه الجسدي المختلف عن باقي المراهقين، جاءته دعوة عام 2017 للانتظام في تدريبات فاسكو دا جاما، من قبل مكتشفه الحقيقي ألفارو ميراندا، نجل رئيس النادي يوريكو ميراندا، ولسوء الطالع لم تدم إقامة تاليسكا طويلًا في ريو دي جانيرو، لعدم توفير مقر إقامة للمراهق الذي تحسر عليه المدرب الأسبق نيوتن موتا قائلًا وعلامات الحزن واضحة على وجهه: "معجزة كروية تم تدميرها لعدم وجود مساحة صغيرة تأويه".



بدأ رحلة الصعود للشهرة مع ناشئي باهيا 2009، وفي غضون 4 سنوات، التحق بالفريق الأول، معبرًا عن نفسه كموهبة صاعدة في سماء النجومية، بتألق لافت أمام كورنثيانز مساء السابع من يوليو 2013، اكتمل بعدها بهدفه في المباراة التالية أمام ساو باولو، ليتغير اسمه من دودو إلى ريفالدو الجديد تيمنًا بالبرازيلي الأعسر صاحب القميص (10) في برشلونة الإسباني، كما قال عنه مدربه السابق في بنفيكا البرتغالي جورجي جيسوس: "خصائصه الفيزيائية والفنية تشبه الأسطورة ريفالدو، لهذا وقّعنا معه فور أن شاهدته".



مع رحيل جيسوس، ساءت أوضاع تاليسكا في العاصمة البرتغالية تحت قيادة مدرب النصر السابق، روي فيتوريا، إثر سلسلة من الحوادث لم يتقبلها مشجعو النسور الحمر، أبرزها إلقاء القبض عليه لقيادة السيارة دون رخصة، ومشاركته في مباريات كرة قدم الصالات، دون إذن من النادي، فيما يلقي اللاعب باللوم على الإدارة، لتأخرها في صرف مستحقاته المادية، وانتهى صراعه مع المسؤولين إلى إعارته لفريق بشكتاش التركي الذي انتقم معهم بهدف رائع في شباك بنفيكا، منتزعًا نقطة ثمينة خلال منافسات دوري أبطال أوروبا 2016.



ندم تاليسكا على احتفاله الهستيري على ملعب النور، وتحطمت مشاعره بعدما أطلق المشجعون صيحات القردة ضده، بالإضافة إلى عنصرية المشجعين تجاه زوجته آنا عبر صفحتها على إنستجرام، حيث أشارت صحيفة "أبولا" الشهيرة إلى أن الثنائي عاشا في البرتغال كطيور حب، فعندما يذهب تاليسكا إلى معسكر خارجي كان يترك قلبه في لشبونة على أحر من الجمر، خاصة أن الجميلة آنا منحته طفلين، الابنة ماريا والابن صاموئيل، ومن شدة تعلقه بزوجته رسم وجهها على معصمه الأيمن ضمن عدة وشوم أخرى.



تبلغ ثروة صانع الألعاب البرازيلي نحو 35 مليون يورو، بعد مسيرة امتدت 3 أعوام في أسوار نادي جوانزو الصيني، بينما يصف أصدقاؤه المقربون صاحب الـ27 عامًا بأنه مزاجي في بعض الأحيان، ويفضل إخراج طاقته في العزف على الآلات الموسيقية، كما ينبض قلبه بتأليف وتلحين الأغاني، آخرها أغنية نشرها عبر اليوتيوب يقول في مطلعها "كل ثورة تبدأ بشرارة".. فهل يثور تاليسكا حقًا مع النصر أم يُخمد نيرانه الهلال بعد أن فاوضه أولًا؟