|


أحمد الحامد⁩
عندما تنحني الأغصان
2021-05-24
التواضع من صفات الأذكياء، يتواضع الأذكياء من العلماء، لأنهم يدركون أن ما لديهم من معرفة ليست النتائج النهائية، وأنهم ما زالوا يجهلون ما لا يستطيعون تفسيره، وهذا ما يدفعهم إلى البحث والقراءة والتجارب، وبذلك تتطور معرفتهم.
يتواضع الأدباء الكبار لإدراكهم أن اللغة بحر ممتد، والأفكار فضاء لا سقف له، وأنهم يسبحون في هذا الفضاء، ولهذا يقرؤون وهم مؤلفُون، ومع تفوقهم الأدبي إلا أنهم يعبّرون عن اندهاشهم عند كل صورة جميلة لم تخطر في خيالهم.
التواضع يقوي النظر، ويثبت الأقدام، ويطرد كل الخدع التي يفتعلها الغرور، ومن ميزاته أنه يجعلك غير متفاجئ أو منزعج مما يعرفه غيرك في مجالك ولا تعرفه، وغير محرَج عندما تجيب: لا أعرف.
يحكي أحد المديرين الكبار عن أسباب نجاحه وتصاعده الوظيفي بأنه وهو بمناصبه الكبيرة كان لا يتوقف عن دخول الدورات التدريبية، وأنه حضر العديد من الدورات لمدربين شباب، أضافوا لمعلوماته وحدّثوا أفكاره وطرق إدارته، وأنه لم يتوقف يومًا عن الاستماع للموظفين في الشركة، حتى الموظفين الجدد كان ينصت إليهم ويستفيد من حماستهم وأفكارهم الجديدة، أعاد المدير أسباب نجاحه إلى فضيلة التواضع التي أنقذته من الجمود المهلك، لأنها سمحت له بأن يضيف على ما يعرفه، وهذا ما جعله ينتصر وظيفيًّا.
في عالم كرة القدم ينتصر الفريق الذي يحترم المنافس حتى لو كان في آخر قائمة الترتيب، ويبذل في الملعب جهدًا كبيرًا لكي يتفادى أي هدف قد لا يستطيع تعويضه، بينما يخسر الفريق الكبير الذي حسم النتيجة في مخيلته لصالحه قبل الدخول إلى ملعب المباراة، وفي عالم كرة القدم شواهد كثيرة.
في الإعلام يستمر نجاح الإعلامي الذي لا يقفز على الأساسيات، من الإعداد الجيد، والتدريب المستمر، وتحديث الوسائل والاطلاع الدائم، وتخف نجومية أو تتلاشى كل من زين الغرور لهم فكرة أنهم قادرون على ملء برامجهم بمجرد حضورهم وكلامهم، غافلين أن النجاح يؤخذ من الوقوف خلف المحتوى وليس أمامه.
التواضع بعيد جدًّا عن الضعف كما يخلط البعض، وهو خلط قريب من الجهل، الضعف شيء مختلف ومرتبط بعدم المقدرة، بينما التواضع الحقيقي مرتبط بالمعرفة والعطاء والقوة، مثلما الشجرة المثمرة التي ينحني غصنها بسبب حمولته من الثمر، وفي هذا يقول ونستون تشرشل: “الشخص المتواضع هو الذي يمتلك الكثير ليتواضع به”.
في كل مجالات الحياة يعتبر التواضع ضرورة للنجاح المستمر، وليس صفة تكميلية يمكن التخلي عنها، ولأنه طارد للغرور الذي يُفقد الإنسان توازنه.
ختام لبدر بن عبد المحسن:
العِشره الحلوه.. على الراس والعين
أحلى الليالي.. اللي مضت.. لكن مضت
ويش رأيك في هالحين..؟