غيّر شعار الهلال ولبس الأصفر من أجل الاتحاد
التعاون.. من الخبيب إلى آسيا

من مبنى طيني صغير مزروع على جنبات شارع الخبيب الشهير في الجزء الشمالي لبريدة، المدينة القصيمية الكبيرة، أبصر نادي التعاون الضوء للمرة الأولى، بعد فكرة ولدت عقب مشاورات مجموعة شابة متلهفة لكرة القدم، يقودها صالح الوابلي وصالح القاسم وناصر الرشودي، وذلك في الـ 13 من مايو لعام 1956.
لم يكن هذا النادي الذي سيكون فيما بعد معلمًا رياضيًّا رئيسًا بين كافة أقرانه وأضداده في المنطقة، يحمل الاسم ذاته، فقد بدا متلبسًا اسم “الشباب” وبشعار “أزرق وأبيض”.. لكنه سرعان ما غيّر اسمه وألوانه.. تغير سريع يعطي إشارات من وراء الأفق أن هذا النادي ستتغير فيه أشياء كثيرة.. أما تغيير الألوان فلأنها كانت تتطابق مع شعار نادي الهلال في الرياض، ولهذا استجاب الوابلي ورفاقه للقرار وبحثوا عن ألوان جديدة.. والاسم كذلك جاء ليحمل اسم نادٍ آخر في الرياض أيضًا.
استقر أصحاب القرار في تأسيس النادي البريداوي على أن يكون وليدهم الجديد يحمل اسم التعاون.. ربما اختاروه وصفًا لحالتهم وتعاونهم وسط أجواء مرتبكة لا تقبل فكرة إنشاء أندية رياضية كما هو الحال الآن.. استأجروا المبنى العائدة ملكيته لأسرة الشريدة، التي ستصبح لاحقًا عائلة تسجل انتماءً وثيقًا بالتعاون، لدرجة أن الأيام تمر سريعًا فيصبح أحد أبنائها “عبد الله الشريدة” رئيسًا للتعاون وذلك بين عامي 1996 و1998.
تعود حكايات اختيار اللون الذي سيدافع عنه كل المنتمين للتعاون، فيتفق رواة التاريخ على أن سبب اختيار اللون الأصفر يعود إلى أنهم لم يجدوا عددًا متوافرًا في الأسواق من قمصان يرتديها اللاعبون في المباريات والتدريبات سوى شعار نادي الاتحاد “الأصفر” الذي يسبق التعاون في عداد التأسيس بنحو 50 عامًا.
استقروا على الأصفر ودعموه بالأزرق ليخالف الاتحاد، وكذلك الأسود ليخالف النصر.. بعدها بنحو تسعة أعوام دخل التعاون نطاق الرسمية وأصبح ناديًا معتمدًا بين الأندية السعودية، وذلك في مطلع إبريل من عام 1963 وتولى صالح الوابلي رئاسة النادي قاطفًا ثمرة العناء والصبر والثقة بمشروعه وأصدقائه، وانتقلوا بمبنى آخر على شارع الخبيب نفسه، استقر داخله ما يناهز الـ 25 عامًا، ثم جاءت حركة تنقل جديدة في مقر النادي على طريق الملك عبد العزيز، الذي شهد الفترة التي يمكن وصفها بالتقدمية، حيث شهدت صعود التعاون لدوري الكبار، وأيضًا وصوله إلى نهائي كأس الملك ليواجه النصراويين عام 1990، ليعد هذا الوصول حينها بمثابة المفاجأة الأكبر في تاريخ الكرة السعودية، وشهد التعاون قبلها مسيرات صاخبة كان أهمها الصعود إلى مصاف الدرجة الأولى.
أصبح التعاون بعد فترة الصعود عام 1995 اسمًا كبيرًا ثابتًا ومهمًا وقويًّا، وعاد مجددًا عام 2019 إلى نهائي كأس الملك، لكنه هذه المرة تجاوز مرحلة أن يعد وصوله مفاجأة، فواجه الاتحاد وانتصر بثنائية، مسجلاً بذلك أهم وأقوى وأشهر إنجاز كروي بين أندية القصيم. وكان قبلها قد نجح في تبوء مركز متقدم منح تأشيرة العبور إلى دوري أبطال آسيا.
في تاريخ التعاون كثيرون يفترض أن تستعرضهم الذاكرة الحيّة، كسليمان أبا الخيل وعلي التويجري وعبد الرحمن السكاكر ومحمد القاسم، رجال صنعوا رحلة كانت أشبه بالمستحيل لحجم الصعوبات والتحديات، لكنهم آمنوا بمشروعهم ودعموه.. حتى أصبح التعاون المولود في شارع الخبيب أحد فرسان القارة الآسيوية.


