يكشف الدكتور محمد القدادي المؤرخ الرياضي انطلاق بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين، ومراحل نسخ البطولة عبر تاريخ الرياضة السعودية، ويروي أبرز المواقف التي وقعت في نهائيات البطولة الأغلى، كما بيَّن القدادي في سرد الذكريات أن التاريخ لم يكتب بالشكل الصحيح في الرياضة السعودية، وذلك بخلط الكثير من البطولات بين بعضها حسب الأهواء والميول ـ على حد تعبيره.

انطلاق البطولة
كان انطلاق كأس الملك في عام 1957م بعد انضمام الاتحاد السعودي لكرة القدم إلى “فيفا”، وكان ذلك يقتضي وجود مسابقتين، دوري وخروج مغلوب. فكانت كأس الملك تقام بنظام الدوري ذهابًا وإيابًا، وكأس ولي العهد بنظام خروج المغلوب. وحقق نادي الوحدة أول كأس ملك أقيمت بنظام الدوري، عندما لعب في المباراة الأخيرة من دوري كأس الملك أمام الاتحاد عام 1957م، والتي صادف 1377هـ، وتعادلا في تلك المباراة الأخيرة؛ وظل الفريقان الاتحاد والوحدة متساويان بالنقاط، وبموجب لائحة المسابقة في ذلك الوقت كان الحسم بالنقاط وليس بالأهداف، وتمت إعادة المباراة بينهما بعد عدة أيام، وفاز بها الوحدة، ليكون أول فريق يحقق كأس الملك بطريقة الدوري. واستلم نادي الوحدة أول كأس ملكية حضرها الأمير عبد الله الفيصل وتوج الوحدة بلقبها. وشاركت في هذه النسخة الأولى أندية منطقة مكة المكرمة فقط. وبعدها دخلت أندية المدينة المنورة في الأعوام التالية، فقد عملت وزارة الداخلية على ضم فرق أندية المدينة المنورة تحت مسؤوليتها وشاركت في المسابقتين. وفي عام 1380هـ انضمت أندية منطقة الرياض مع تولي وزارة المعارف المسؤولية.

مواقف تاريخية
ذكر القدادي أن أبرز المواقف التاريخية لبطولات كأس الملك منذ انطلاقتها كان إعادة مباراة الوحدة والاتحاد في أول نسخة والنسختين الأولى والثانية لم يحضرهما الملك، وأول بطولة حضرها الملك سعود وفاز فيها الاتحاد عام 1383هـ. وتدرجت الرعاية لنهائي كأس الملك، فأول حضور رفيع كان عام 1382هـ بحضور الأمير فيصل بن عبد العزيز نائب جلالة الملك وحققه الأهلي من جدة على فريق أهلي الرياض.
وفي عام 1386 عندما تقابل الاتحاد والنصر على النهائي قال الملك فيصل للاعب سعيد غراب أنت العقاب، وأطلق عليه ذلك الاسم. وفي عام 1390هـ مع افتتاح ملعب الملز تم لأول مرة تسليم الميداليات البرونزية لفريق المركز الثالث، وهو فريق النسر من سيهات، وأثناء تسلمهم لها من يد الملك فيصل وجَّه بتغيير اسم وشعار النادي، وتم لاحقًا خلال أقل من شهر اختيار اسم الخليج له. وأول نادٍ يمتلك الكأس النادي الأهلي من جدة عام 1970م، وقدَّم الأمير عبد الله الفيصل على نفقته الكأس الجديدة مكتوبًا عليها “دوري ‏جلالة الملك”، واستطاع النادي الأهلي كذلك أن يمتلك الكأس للمرة الثانية عام 1978م، وفي عام 1408هـ تمت إقامة كأس الملك بمسماها الجديد كأس خادم الحرمين الشريفين، ومع نهائيين تم افتتاح ملعب الملز وملعب الملك عبد الله في جدة، ومن المصادفة يلتقي الفريقان الأهلي والشباب. “ولا أتذكر ‏في هذه العجالة وأنا أتحدث معك أن لاعبًا غير سعودي حتى الآن كان كابتنًا لأي فريق وتسلم الكأس من راعي المباراة”.

بطلان في عام
شهد عام 1380هـ إجراء نسختين مستقلتين من كأس الملك في الموسم نفسه، وتوج فيهما فريقان، وهو العام الذي شهد مشاركة أندية الرياض لكأس الملك، وهذا مع تولي وزارة المعارف مسؤولية التنظيم الرياضي الأهلي، وأقيمت البطولتان بتنظيمهما تحت المسمى نفسه، الأولى كسبها الاتحاد على أندية منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفي الموسم نفسه حقق نادي شباب الرياض بطولة كأس الملك الأخرى على أندية الرياض، وكل مسابقة شرفها ممثل عن جلالة الملك. وللأسف ضاع حق نادي الشباب الذي هو امتداد لنادي شباب الرياض بعد الدمج، ولم تحسب هذه البطولة في تاريخه كبطل لكأس الملك.

ثلاث مناطق
في عام 1381هـ بعد أن انضمت ثلاث مناطق لتشارك في المسابقة هي مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض، فاز فيها الهلال.
واستطاع النادي الأهلي أن يكون أول نادٍ يحقق كأس الملك بمشاركة المناطق الرئيسة الأربعة، وهي مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والشرقية، وكانت تقام بطريقة الدوري، وتقام تصفياتها الأولية في المناطق، وبطل كل منطقة يصفي مع بطل المنطقة الأقرب، ووقتها وصل الأهلي من جدة ليلعب مع الأهلي بطل أندية الرياض وحقق كأس الملك.

مسميات مختلفة
إن كأس الملك مرَّت بعدة تغييرات ومسميات ونسخ مختلفة، والبداية كأس الملك بنظام الدوري، وبعدها بخروج المغلوب، ثم عادت بنظام الدوري بتفاصيل تختلف بين موسم وآخر، ثم عادت بطريقة خروج المغلوب عام 1395هـ، وهو ما يتذكره أغلب الجمهور. وبعدها استبدل مسماها إلى كأس خادم الحرمين الشريفين، ثم تغيرت طريقة اللعب إلى دوري كأس خادم الحرمين الشريفين بالمربع الذهبي، وكانت فيه نسخ مختلفة كذلك، وبعدها ظهرت نسخة كأس الملك للأبطال، وعادت مع الإدارة المؤقتة لاتحاد القدم إلى مسمى كأس خادم الحرمين الشريفين بطريقة خروج المغلوب. وفي كل تاريخ المسابقة التي لم تتوقف أبدًا منذ بدايتها، وهو يخالف رأي أهل الهوى وعدم العلم، إذ لعبت بنظام الدوري وخروج المغلوب أكثر من مرة، وشاركت في فترات الفرق الممتازة وأخرى جميع الفرق وأخرى بطرق أخرى.

خروج المغلوب
عام 1386هـ كانت انطلاقة كأس الملك بطريقة خروج المغلوب، وذلك مع تأسيس الدوري العام وإقامته على الدرع كبطولة مستقلة، لكنه توقف بسبب حرب النكسة، وكان الاتحاد متصدرًا له. ولم يتم استكماله وتم إلغاؤه، وأقيمت في ذلك العام 1386هـ أربع بطولات هي كأس الملك بخروج المغلوب، والدوري، وكأس ولي العهد للمنتخبات، وبطولة المناطق، وأقيم أول دوري مكتمل عام 1389هـ، وفاز بالدرع الأهلي، وظلت الصحف ومسؤولو رعاية الشباب يطلقون عليه مسمى الدوري الممتاز، وأقيمت في الموسم نفسه كأس الملك خروج مغلوب.