|


أحمد الحامد⁩
أسلحة ناعمة
2021-05-30
خلف النكات التي تطلقها بعض الشعوب على شعوب أخرى تاريخٌ من الصراعات، أو المنافسات، وهي نوعٌ من أنواع الأسلحة الناعمة.
يقال: إن الإنجليز هم مَن أثاروا النكات عن “الصعايدة”، لأنهم كانوا مقاومين أشداء، فحاولوا النيل من معنوياتهم. ومعروفٌ عن الإنجليز أنهم أكثر من أطلق النكات على جيرانهم الإيرلنديين. وتحاول النكتة الإنجليزية وصف الإيرلنديين بالغباء، بينما يردُّ الإيرلنديون بنكات، تصف الإنجليز بالعجرفة، وفي أحيان أخرى بالبخل، وهذا ما لم يثبت على الإنجليز. تقول النكتة الإنجليزية: “وقف إسكتلندي وإيرلندي وإنجليزي أمام فرقة إعدام، فصاح الإنجليزي: زلزال زلزال. فحدثت فوضى، وقفز الإنجليزي من فوق السور، ثم صاح الإسكتلندي: فيضان فيضان، وقفز من فوق السور، أما الإيرلندي فصاح: أطلقوا النار!”. وقد لا تبدو النكات الإيرلندية شهيرة مثل النكات التي أطلقها الإنجليز عليهم، وقد يكون السبب وراء ذلك أنهم لا يمتلكون “الماكنة الإعلامية” التي يمتلكها الإنجليز. تقول النكتة الإيرلندية: “إنجليزي سُرقت بطاقته الائتمانية، فقرر ألَّا يبلغ الشرطة، فسأله صديقه: لماذا لا تبلغ الشرطة؟ فأجاب: لأن الذي سرقها ينفق منها نقودًا أقل مما كانت تنفقه زوجتي!”. قد لا تكون هذه النكتة تخصُّ الإنجليز فقط، بل تشمل العديد من الأزواج في كافة أنحاء العالم. في الصراع العربي الإسرائيلي لم تتوقف صناعة النكتة منذ عشرات السنين، وأظن أنها لن تتوقف لسنوات طويلة جدًّا، فلا يبدو في الأفق أن هناك سلامًا قريبًا، ينصف الفلسطينيين، ويعيد إليهم جزءًا من أراضيهم، ويجعل الإسرائيليين يشعرون بالاستقرار في موطنهم الجديد. في حرب النكات بين الشعبين، حاول الإسرائيليون ترسيخ فكرة أن العرب والفلسطينيين غير عقلانيين وأناسٌ حالمون، وأنهم أقل بدرجات كثيرة من الإسرائيليين: “ذهب عربي حاصل على شهادة المحاماة من جامعة هارفارد ليتقدم للعمل في مكتب محاماة، فقال له مدير المكتب: مبروك لقد تم قبولك، هذا المكتب لك، وهذه السكرتيرة الفاتنة سكرتيرتك، والسيارة المرسيدس المتوقفة أسفل العمارة هي سيارتك، فقال العربي للمدير: أنت تمزح معي؟ فأجاب المدير: أنت مَن بدأت أولًا!”، ومع أن النكات الإسرائيلية عن العرب كثيرة إلا أنها قليلة مقارنةً مع نكات العرب عن الإسرائيليين، والمتابع يرى أن نكات العرب ركزت على صفة البخل في الإسرائيلي، وهي صفة كثيرًا ما استُخدمت في أغلب نكات العرب عليهم، كذلك وصفتهم بعض النكات غير العربية بذلك، ولا ندري عن صحة هذا الأمر، خاصةً أنه أُطلِق عليهم إما أثناء الحروب، أو لأسباب تجارية سببها المنافسة لما عُرِفَ عنهم من مهارة في التجارة: “سأل أحدهم ما هي ذروة البخل عند الإسرائيلي الذي يذهب لقضاء العطلة؟ فكانت الإجابة: إنه عندما يذهب لشراء بطاقة السفر للسكة الحديد يقف في آخر الصف الطويل أمام شباك التذاكر لكي يبقي نقوده في جيبه أطول مدة ممكنة”.