|


أحمد الحامد⁩
من يملك القمر؟
2021-06-02
التطور العلمي يسير بسرعة صاروخ، والعالم يتغير بصورة لا تصدق، كل ما كان خيالاً قبل مئة عام صار حقيقة، لو قيل لأحدهم قبل مئة وخمسين عامًا إن الإنسان في قارة آسيا سيتحدث بالصوت والصورة مع آخر في أمريكا لقال عن المتحدث بأنه مجنون، ولو قال أحدهم لمن كانوا يسافرون في القوافل بأن الإنسان سيتغدى في الرياض ويتعشى في دبي في يوم واحد لحزنوا عليه بسبب فقدانه لعقله.
لذلك كلما قرأت عن طموحات العلماء التي تبدو أنها غير واقعية أقول نعم بل سيفعلون أكثر من ذلك، وآمل ألا أندفع يومًا وأصدّق إعلانات بعض الشركات التي تعلن عن بيع أراضٍ على سطح القمر، لأنني سبق وأن اشتريت نجمة في السماء من إحدى الشركات التي تبيع لك نجمة وتترك لك حرية اختيار الاسم الذي تريد أن تطلقه عليها.
لكنني وبعد أن دفعت 8 دولارات على نجمتي صحوت من سؤال وجهه صديقي: وهل تملك الشركة النجوم في السماء؟ لذلك سأحاول أن أتمهل ولا أندفع وأشتري قطعة أرض على سطح القمر، رغم إيماني بتطور العلم وسرعة الطائرات التي ستوصل الإنسان إلى القمر في ساعات، سألت نفسي قبل الدفع: مَن يملك القمر؟.
العلم تطور لدرجة أن الإنسان سيتمكن من أكل ملابسه إذا ما جاع، قد لا تصدقون ذلك، لكنه أصبح حقيقة، هذا ما كتبته صحيفة الشعب الصينية عن الملابس اللذيذة التي صنعتها طالبة العلوم الإنسانية “تانج داليانج”، ما فعلته تانج أنها استخدمت الألياف المستخرجة من السبانخ بدلاً من الألياف التقليدية، وحولتها إلى ملابس قابلة للطي والكوي والخياطة والأكل عن طريق خلطها بمواد صالحة للأكل.
بعد أن قرأت الخبر لم أستغرب، لعلمي بأنني أعيش في زمن الابتكارات، لكنني تخيلت صديقي الذي يصيبه الجوع فجأة وهو يتناول كُم ثوبي بينما أقود السيارة، سأحاول إذا ما انتشرت هذه الثياب الصالحة للأكل أن أشتري ثيابًا بمذاق لا يفضله هذا الصديق.
قبل أيام قرأت أن شركة فيرجن أتلانتك للطيران تخطط أن تصنع طائرات مدنية تقطع المسافة من لندن إلى سيدني في أربع ساعات دون توقف، وقالت إنها ستحاول إنجاز ذلك عام 2030، تخيلوا أن زمن الرحلة سيصبح أربع ساعات بدلاً من 23 ساعة مع احتساب التوقف في منتصف الطريق للتزود بالوقود.
مع كل أخبار علمية أقرأها أشعر باختلاف الأزمنة وقوة الإنسان الكبيرة، لكنني أتساءل دائمًا: وما الذي سأقدمه أنا للعالم؟ لا أصل إلى نتيجة سوى إنني مستهلك، لا تزعجني هذه النتيجة، فما فائدة وجود الابتكارات والمنتجات دون وجود مستهلكين؟ من سيشتري النجوم التي تبيعها الشركات لولا وجود المستهلكين الرومانسيين؟ ومن سيشتري الأراضي التي على القمر لولا وجود المستهلكين الذين يؤمنون بأن العلم وفي وقت قصير سيجعل من الحياة على سطح القمر حقيقة؟ ولكن من يملك القمر؟