|


بدر السعيد
الثانية عشرة والنصف بتوقيت مدريد!!
2021-06-19
كنت قد بدأت قبل أسبوعين سلسلة “دروس الموسم” وكان من المفترض أن أعود اليوم لأكمل جزءها الثالث والأخير إلا أن مسار التفكير واتجاهات الأحداث أجبرتني على أن أتوقف عند عقارب الساعة التي أشارت إلى الثانية عشرة والنصف بتوقيت العاصمة الملكية “مدريد” من يوم الخميس الماضي حيث موعد مؤتمر رحيل “سيرخيو راموس”.
وعلى الرغم من تزامن المؤتمر مع منافسات أقوى بطولتين عالميتين للمنتخبات “اليورو” و”كوبا أمريكا”، إلا أن الصخب والاهتمام الإعلامي والجماهيري لتفاصيل ولحظات الرحيل كانا طاغيين على مدار اثنتين وسبعين ساعة اكتظت خلالها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بردود الأفعال تجاه ذلك الحدث.. كيف لا والريال طرف فيه..!!
في ذلك المؤتمر حضر العقل والقلب معًا.. الحكمة والعاطفة في آن واحد حيث قلّ أن يجتمعا.. لكنها بيئة الميرينجي المهنية بقيادة شامخها وربانها في العصر الحديث “فلورينتينو بيريز” الابن الشرعي لموروث ريال مدريد والممثل المفوض لمبادئه وسياساته وشخصيته في سوق العمل الرياضي الكبير بتقلباته وصراعاته وإنجازاته ومنافساته داخل المستطيل الأخضر وخارجه..
في قصة “راموس” يستطيع كل المدريديستا أن يظهروا فخرهم واعتزازهم بذلك الكيان العظيم الذي ينتمون إليه.. مع “الكابيتانو” كان القرار صعبًا للطرفين والمشاعر أصعب وأصعب فالأمر أكبر وأعمق من مغادرة قلب دفاع دولي من تشكيلة فريق كرة قدم.. الموضوع أكبر من ذلك بكثير عطفًا على القيمة والإنجازات والتأثير الذي أظهره ذلك الإسباني طوال الستة عشر عامًا التي قضاها في أحضان عشاقه..
في قصة “راموس” اجتمع الكمّ والكيف معًا.. اجتمعت الروح والإنجازات معًا.. اجتمعت التضحية والوفاء معًا.. وكان الفخر يغلف ذلك كله بشيء من الاعتزاز بكمية الإنجازات التي ساهم فيها ذلك الرجل والتي تتجاوز إنجازات بعض أكبر الأندية الأوروبية وإن اجتمعت والتي لم تكن لتتحقق لولا أن “سيرخيو” تواجد في البيئة الرياضية الأنضج والأكفأ التي قدمت له فرصة الحصول على كل ذلك وأكثر.. بقي أن أقول إن تحقيق الوفاء في المحيط الرياضي أصبح صناعة وفكرًا يصعب تقليدهما أو شراؤهما بالمال لأن الأمر مبني على ثقافة ممتدة وضاربة في أذهان وتصرفات وقرارات أصحاب الشأن في كل كيان رياضي.. وفي حكاية راموس ظهر ذلك الوفاء المتبادل بين الطرفين في ذروته والذي انعكس على مفردات وردود أفعال الرئيس واللاعب وتلك مفارقة عجيبة لا تجدها إلا عند الكبار.. والكبار فقط..!!
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..