|


أحمد الحامد⁩
أقوياء دائما
2021-06-22
قرأت عدة أخبار من حول العالم، بعضها ملهم، وبعضها يثير الاستغراب والتساؤل، اخترت واحداً قرأته منذ عدة أيام، لكنني لم أنسه مثلما أنسى أغلب ما أقرأه من أخبار وقصص، بقي في تفكيري لغاية الآن، مثيراً استغرابي عن طاقة وقوة الإنسان التي تبدو في أحيان لا متناهية، ومنطفئة في أحيان أخرى، وعن مسببات ذلك.
ومع أن هناك العديد من الأمثلة التي تدعو الإنسان ألا يستغرب مما يقرأه أو يشاهده، لأن الحياة متنوعة وأحوالها متبدلة كما يقول المثل المصري “اللي يعيش يا ما يشوف”، إلا أن بعض ما يقرأه الإنسان أو يسمعه يدعو بالفعل إلى التعجب عن حجم القوة الكبيرة عند الإنسان، وكيف أنها في وقت ما تتبدل إلى ضعف والعكس صحيح.
بعض ما نستغرب منه يوّضح لنا مدى قوة الإنسان الكامنة بداخله، وكيف أنها قوة عظيمة إذا ما ظهرت، فهذا الكائن الذي يبدو حجمه صغيراً أمام الكون الكبير هو الذي اخترق الفضاء بمركباته وصواريخه، وحفر الأنفاق في الجبال، واكتشف أعماق المحيطات، وصنع قنابل صغيرة تهدم مدناً كبيرة، واكتشف أدوية لأمراض كانت مميتة، وصنع مدفأة ليحول الأراضي الباردة إلى أماكن مثالية للحياة، وصنع مكيّف الهواء ليحول حر الصيف إلى موسم عادي، وهو نفسه الذي قد يعيش كسولاً بلا حافز، وكئيباً بلا أمل، وضعيفاً بلا قوة، ومضراً لا نفع منه .
أعتقد أن كل البشر أقوياء لكن الفارق بينهم أن بعضهم استطاع أو ساعدته الفرص في استخراج قوته، سواء من خلال تحفيز نفسه أو من خلال آخرين محفزين. وهناك من بقيت قوته كامنة بلا استخدام وكأنها غير موجودة، لأنه لم يؤمن بوجودها بداخله، أو لم يجد من يستخرجها منه .
في العام 2005 نظر القاضي الأمريكي في تاجر المخدرات الشاب الماثل أمامه وسأله: لو أعطيتك فرصة للخروج من هنا فهل ستصنع من نفسك شخصاً جديراً بالاحترام؟ أجابه: نعم. وفعلاً قام القاضي بإطلاق سراحه ليعود إليه العام 2021 محامياً، ولم يتأخر القاضي في توظيفه محامياً في محكمته قائلاً: لقد فهم أن لدي إيماناً قوياً بأنه يمكن أن يكون الشخص الذي يريده في الحياة . صادف هذا الشاب من أخرج قوته، فتحول حظه من سيئ إلى جيد، ومن شخص ضعيف لا يأبه لمصائر الناس بما كان يبيعه لهم، إلى رجل صالح ومسؤول، ومن شاب بلا مستقبل إلى رجل بواقع ومستقبل مشّرف.
قد تكون ظروف بعض الناس صعبة، لكن قوة الإنسان التي بداخله أكبر من كل الظروف التي تحيطه إذا ما آمن بوجود قوته، القوة التي تجاوزت الأرض وأوصلته إلى القمر، واختصرت له سفر عدة أشهر إلى عدة ساعات، القوة هذه نفسها هي من تفجرت بداخل قلب تاجر مخدرات لتصنع منه محامياً.