مقابر عمرها 20 قرنا.. دهاليز ونقوش وعظام.. ومزيج بين الرومانية والمصرية
سياحة تحت أرض الإسكندرية
تتيح تذكرةٌ بأقل من 8 ريالات سعودية النزول 20 مترًا تحت سطح الأرض في منطقة آثار كوم الشقافة، في الإسكندرية، والعودة بالتاريخ العدد ذاته تقريبًا من القرون.
وعبر سلّم حلزوني من 91 درجة، ينتقل زائر كوم الشقافة، البعيد قليلًا عن قلب المدينة الساحلية، إلى ما يشبه مدينة مصغّرة تحت الأرض للموتى وذويهم، تحتوي على حجرات دفنٍ متعددة الأشكال، وأرائك صخرية للزائرين من ذوي المتوفين، ونقوش بارزة من الحوائط ورسوم وزخرفات.
تستقبل المنطقة، التي زارتها “الرياضية” أخيرًا، السياح يوميًا بين الساعتين 9 صباحًا و4 مساءً بالتوقيت المصري.
وتضم مجموعة مقابر، أقدمها وأهمها مقبرة “الكتاكومب”، المعروفة في الإسكندرية وبين زوارها بـ “مقابر كوم الشقافة” ويعود تأسيسها إلى الفترة بين عامي 98 و161 ميلادية إبّان الوجود الروماني في المدينة.
ويَعدّ الدكتور خالد غريب، رئيس قسم الآثار اليونانية الرومانية في كلية الآثار بجامعة القاهرة، هذه المقبرة “مثالًا صارخًا” على الاندماج بين الفنَين الروماني والمصري القديم.
ويوضّح غريب، الذي تواصلت “الرياضية” معه بعد زيارتها الموقع، أنها مقبرة ضخمة منحوتة في الصخر حول بئر عميق، أنشأتها أسرة رومانية ثرية، هويتها غير معلومة إلى الآن، بين القرنين الأول والثاني الميلادي، واستحدث آخرون حجرات دفن داخلها في القرون القليلة التالية، ثم أُهمِلَت حتى اكتُشِفَت عام 1900م وتحولت تدريجيًا إلى موقع أثري.
وعلى مدى ساعة، تجولت “الرياضية” بين دهاليز وتعرجّات المقبرة، الواقعة بعمق 20 مترًا تقريبًا تحت الأرض، ورصدت نقوشًا وأعمدةً وأركانًا، بينها ما يشبه غرفة استقبال لذوي الموتى. ولاحظت مجموعةً من عظام الخيل محفوظةً تحت زجاج، فيما تلاشى أي أثرٍ لجثث بشرية.
ويبيّن غريب أن هذه العظام تعود لخيلٍ كان الرومان يستخدمونها في السباقات الرياضية، وبعد نفوقها دُفِنَت بجوار الموتى.
وتشرف وزارة السياحة والآثار المصرية على المنطقة، وتحدد سعر تذكرة الدخول للأجنبي بـ 30 جنيهًا “7.17 ريال سعودي”.
فيما تنسق، منذ 2017، برنامجًا مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لشفط المياه الجوفية بعدما أضرّت على مدى قرون بالمقبرة، التي اكتُشِف منها طابقان تحت السلّم المحيط بالبئر المُخترَق بنوافذ تنقل الضوء.
وفي مطلع عام 2018، كتبت صحيفة “اليوم السابع” المصرية، في تقرير على موقعها الإلكتروني، أن طابقًا ثالثًا من المقبرة لا يزال مغمورًا بالمياه. وحول “الكتاكومب”، تضم المنطقة مجسمات، ونوافير رومانية، ومقابر قديمة أصغر حجمًا منقولة من مواقع أخرى.