|


تركي السهلي
معركة راكان
2021-07-19
يخوض الجمل “راكان” معركته الخاصة مع مُلاّك الإبل من ناحية كسر المُتعارف الاجتماعي، أو تغيير التعاطي مع “الفحل” كمُنتج لسلالات من النوق، أو كمورد اقتصادي. ولُبّ الجنوح وعدم الفهم من أهل الإبل يكمن في الخلط بين “العسب” وهو طلب المٌقابل المالي للتلقيح المنهي عنه شرعاً، وبين تحويل الذكر من الجِمال إلى انتفاعٍ معلوم المُدّة لغرض تحقيق عائد.
والغاية تأجير شكل ونوع الفحل لا ماءه في زمن “ المزاين”. وهُنا تقدّم فهد بن حثلين رئيس مجلس إدارة نادي الإبل وطرح “استئجار” الفحل راكان ابن البطل “مضيم” العائد له مقابل خمسة ملايين ريال لِمُدّة عامٍ واحد دون الربط بشرطية التلقيح. والباب مفتوح للتعاطي لكنّ بعمق واتساع عقل والمُستهدف رواج الأسماء كما في الخيول.
والحقّ أن ابن حثلين غامر مُغامرة كبيرة باسمه ومكانته لكنّه تقدّم إلى ذلك كفعل لا يقوى عليه إلاّ قائد يعي جيداً تحويل الاعتيادي إلى غير ذلك، وأن العقول لابدّ وأن تخضع لهزّات حتّى يتّضح أمامها الصواب والانتقال المرحلي وتركها المًستهجن بالتقليد إلى القبول بالمضبوط.
وسوق الإبل لدينا في الأساس يُعاني من اختلالات حادّة بل كان فوضوياً إلى درجة الهدر وضياع الحقوق وما يفعله نادي الإبل هو العمل على تنظيمه وضبطه وجعله في الإطار المؤسسي لا النمط الفردي المُنفلت وهذا له وقته ومستغربي أفكاره أيضاً.
والسعودية يوجد بها نحو مليون ونصف المليون من الجِمال وتركها دون حدود اقتصادية يجعل منها ثروة قابلة للتراجع وسلوكًا جامدًا في خانة التفاخر والعرف المجتمعي. وبالنظر إلى ما أُحِيطت به الإبل من رعاية فإن الجانب البيطري كان مُتقدّماً على الاقتصادي حيث وفُّرت مراكز الأبحاث والمستشفيات في الإحساء والقصيم وكان التناول طبّياً إلى درجة حفظ الأجنّة للفحول وهو أمر فتح باب الانتفاع الإكلينيكي وحافظ على السلالات وقضى على التأويل وأعطى الجانب الطبّي مساحة تحرّك.
إن “راكان” في حال حرب الآن وهو المُتسلسل من إرثٍ بطولي ومملوك من صاحب مكانة مرموقة، إذ عليه أن يتحوّل إلى مورد لا إلى مُراد ومن مجرّد وجاهة إلى سُلالةٍ يمكن بيعها لزمنٍ مُحدّد. لقد فتح نادي الإبل طريقاً كبيراً للاقتصاديات وبقي عليه أن يمضي دون خوف أو تراجع.. تماماً كما يفعل راكان ووالده الفحل مضيم من قبله حينما يقطعان الأشواط وفي روحهما الاسم والقوّة.. والانتصار على كُل شيء.