|


أحمد الحامد⁩
علموهم العربية
2021-08-14
صحيح أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الأكثر انتشارًا واستخدامًا في عالم الأعمال في العالم، لكن هذا لا يعني أن نركز في تعليم أبنائنا على اللغة الإنجليزية ونهمل اللغة العربية.
والظاهر أن مشكلة عدم إجادة اللغة العربية تحدثًا وكتابة قد وقعت عند عدد كبير من أبناء هذا الجيل الصغار، بسبب ذنب ارتكبه آباؤهم المندفعون والمتخوفون من شدة المنافسة على فرص الوظائف في المستقبل. اليوم عندما ألتقي ببعض الأصدقاء بصحبة أبنائهم الصغار ألاحظ أن أبناءهم يتحدثون الإنجليزية في ما بينهم، كما أن آباءهم لا يترددون في الرد عليهم بالإنجليزية إذا ما خاطبوهم بنفس اللغة. أمر جيد أن يتعلم الأبناء اللغة الإنجليزية منذ طفولتهم، لكن السيئ ألا يجيدوا لغتهم الأصلية، وهذا الأمر سينقص من فرصهم الوظيفية، وهذه حقيقة ولا أدري إن كان الآباء يدركونها، لأن المؤسسات والشركات غالبًا ما تبحث عمن يجيد القراءة والكتابة بلغتين أو أكثر لا عمن يجيد لغة واحدة حتى إن كانت الإنجليزية. سبق واطلعت على تجربة عندما التحق أحدهم بوظيفة إعلامية، ومع أنه كان قد تخرج من جامعة أجنبية مرموقة إلا أن عدم إجادته اللغة العربية قراءةً وكتابةً سبّبت له الكثير من الضعف، وأخفت قدراته الحقيقية، الأمر الذي جعله يغادر إلى بيئة عمل أخرى رغم محبته للمجال الذي كان يعمل فيه، لكنني تذكرت الآن أحد الأصدقاء وكان صاحب حكمة، كانت لديه المقدرة على إلحاق ابنه الطفل في أفضل المدارس التي تعتبر الإنجليزية لغتها الأولى، أتذكر أنه قال بأنه سيتنظر عدة سنوات حتى يجيد طفله اللغة العربية جيدًا في المدرسة التي يتعلم بها ثم يلحقه في مدرسة مناهجها بالإنجليزية، وهذا ما فعله، أما ابنه الآن فهو يجيد اللغتين وبطلاقة.
في الصين البلد الذي تكتب الدراسات بأنها ستكون البلد الأول اقتصاديًا هي أكثر بلد لديه بعثات دراسية لجامعات عالمية، حتى أن نسبة الطلبة الصينيين في إحدى الجامعات البريطانية يشكلون 60 في المئة من الطلبة غير البريطانيين، لكن كل هؤلاء الطلبة الصينيين التحقوا بالجامعات وهم يجيدون لغتهم الأصلية تحدثًا وكتابةً. لا يستطيع الأطفال أن يقرروا ما هو في صالحهم، نحن من نحدد لهم ذلك حتى يكبروا، ومسألة عدم إجادتهم للغتهم الأصلية قراءةً وكتابةً سوف نلام عليها كثيرًا عندما يكبرون لأنها حق من حقوقهم، ثم إن اللغة العربية جزء من هويتنا، وتصوروا أن بعض أبنائنا حرموا من هذا الجزء، كما أنهم محرومون من قراءة الكتب العربية وكل ما فيها من أدب وفكر وتاريخ وتراث، لغتنا العربية لا تحتاج من يصف جمالها، لأنها شديدة الجمال، يقول عنها المؤرخ والعالم الكيميائي جورج سارتون: “إن اللغة العربية أسهل لغات العالم وأوضحها، فمن العبث إجهاد النفس في ابتكار طريقة جديدة لتسهيل السهل وتوضيح الواضح، فإذا فتحت أي خطاب فلن تجد صعوبة في قراءة أردأ خط به، وهذه هي طبيعة الكتابة العربية التي تتسم بالسهولة والوضوح”.