|


محمد المسحل
وماذا لو تدخلوا؟!
2021-10-02
استرسالًا لما تطرقت له في مقال الأسبوع الماضي عن موضوع التدخلات غير الرياضية في تفاصيل الحركة الرياضية ومؤسساتها، دعوني أوضح ما هو الضرر أو الأضرار التي قد تنتج عن مثل هذا التدخل، سواءً على المنظور العام بل وعلى منظور أدق.
بدايةً، يجب أن نعلم أن موضوع “نزاهة” الرياضة “Sports Integrity” واستقلالية الرياضة “Sports Autonomy”، هما جزء لا يتجزّأ من الميثاق الأولمبي الذي وافقت عليه جميع الدول الأعضاء في اللجنة الأولمبية الدولية، وتدعمهما مؤسسات دولية كبرى مثل الأمم المتحدة واليونسكو، بالإضافة طبعًا لمؤسسة التضامن الأولمبي، ولذلك فالأمر ليس عائدًا للدول الأعضاء باتخاذ قرار استقلالية ونزاهة الرياضة.
ومن أمثلة المنظور العام للتدخل في شؤون الرياضة من المؤسسات غير الرياضية، أن تتدخل الحكومات مثلًا في قرارات اللجان الأولمبية الوطنية واتحاداتها، وبالتالي، قد يتم تسييس جميع القرارات الرياضية. أو مثل تدخل مؤسسات اقتصادية في توجهات المؤسسات الرياضية، ما قد يؤدي لتغليب المصلحة الاقتصادية على مصلحة الرياضيين. وأيضًا مثل تدخل المؤسسات الإعلامية في اتخاذ القرار الرياضي، ما قد يؤدي لتغليب المصلحة الإعلامية على توجهات الرياضيين ومصلحة مؤسستهم.. إلخ.
كل هذه الأمثلة من التدخلات قد تؤثر بشكل جذري على توجهات المؤسسات الرياضية ومصلحة الحركة الرياضية، فمنها ما قد يسيّس القرارات الرياضية، ومنها ما قد يحولها لجزء من المساومات الإعلامية والاقتصادية، ومنها ما قد يعطي الفرصة لغير الرياضيين بالتدخل في تفاصيل اتخاذ القرارات الرياضية، ويسهم بتأخير وتراجع وتباطؤ الحركة الرياضية عن الركب الرياضي القاري والعالمي.
من الأمثلة السلبية التي أذكرها لتداخل دور وزارة الرياضة في عمل اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية، أذكر أن أحد بنود رواتب المدربين السعوديين والتي كانت تصرف مباشرة من الوزارة وليس من اتحاد اللعبة، كانت تُبنى على الشهادة الدراسية للمدرب، وليس على مدى مؤهله الفني أو حتى سعره في سوق المدربين مثلًا! وكان هذا البند “الذي أتوقع أنه لم يعد موجودًا حاليًا” يشكل مقبرة للمواهب الفنية الوطنية. لكن إن لم تكن سعوديًا، فالبند مفتوح، يعتمد على صاحب القرار.
ومن الأمثلة أيضًا، قيام المحاسب المسؤول عن ميزانية المعسكرات في الوزارة، برفض سعر الكرات، وأصر على تبديل الماركة إلى ماركة أرخص، وتسبب بتعطيل مؤثر في توقيت المعسكر، ولم يكن يعلم آنذاك أن الاتحاد الدولي هو الذي يحدد الماركة المستخدمة للكرات وليس نحن، وهذا طبعًا ما يحدث حال تدخل غير المختصين في العمل الرياضي.