|


منصور ناصر الصويان
جغرافيا الرياضة السعودية
2021-10-03
تتداخل البيئة الجغرافية بطرق متنوعة مع الأنشطة الإنسانية المختلفة، ومنها الأنشطة والأحداث الرياضية، وتؤثر التغيرات المناخية والبيئية على جوانب الرياضة المتعددة، ولكنها في الوقت ذاته تتداخل مع آلية أجسام الرياضيين وإيقاعهم الحيوي، ما يؤثر على قدرات الرياضيين وأدائهم.
كما يؤثر المكون المكاني على الرياضة، والرياضة بطبيعتها تتفاعل مع الظواهر المكانية والجهوية، ومن المسلّم به أن هناك علاقات وطيدة بين الإنسان والبيئة مما يخلق العديد من الاختلافات في كيفية ممارسة الرياضات التخصصية وفقًا لهذه العلاقة. قبل أكثر من قرن ظهر مصطلح جغرافيا الرياضة واستخدم لفترات متقطعة ووجد رواجًا في السبعينيات والثمانينيات الميلادية من قِبل المهتمين بالجغرافيا الرياضية أو ما يسمى “بالجغرافيين الرياضيين”.
وتناولت عدد كبير من الدراسات التي أجراها الاقتصاديون وعلماء الاجتماع وعلماء الأنثروبولوجيا وغيرهم جغرافيا الرياضة ضمنيًّا. تم دراسة موضوعات مثل مواقع المجمعات الرياضية والاستادات الرياضية، والآثار البيئية للرياضة، وهجرة الرياضيين، والتعلق العاطفي للرياضي بالمكان، وتأثير الارتفاع والانخفاض عن سطح البحر على الأداء وغيرها من الموضوعات ذات العلاقة. إحدى الدراسات التي اهتمت بالتأثيرات المكانية على الرياضيين وجدت أنه من المرجح أن يصبح الرياضيون محترفين أو حتى من رياضيي النخبة بناءً على مكان ولادتهم، حيث يكون لعوامل مثل الثقافة الرياضية ووقت اللعب تأثير كبير على الميل نحو الرياضة، ورجحت أيضًا أن الرياضيين المحترفين يأتون من مدن تعداد سكانها أقل من 500 ألف بدلاً من الأماكن الحضرية المقتضة. كما بيَّنت دراسات أخرى العلاقة بين إنتاج المواهب وتحديدها وأنماط مكانية محددة وواضحة، لذا يجب إعطاء الكثير من الاهتمام للأماكن التي تميل إلى إنتاج أبطال في رياضات معينة.
تتمتع السعودية بموقع جغرافي مميز، وتتفرد بطبيعتها الجغرافية المتنوعة وبيئة تضاريسها المختلفة. وعليه فهناك تنوع كبير في أنماط تركيب الأجسام بالنسبة للسعوديين وفقًا لهذا التنوع الجغرافي والبيئي والاجتماعي، ولهذا ومنذ ما يقارب 70 عامًا خلت على انطلاق الرياضة المنظمة في السعودية استطاعت بعض البقع الجغرافية داخليًّا جذب رياضات مخصصة وتكوين علاقات مكانية قوية معها، فعلى سبيل المثال لا الحصر ارتبطت كرة السلة بالمدينة المنورة، وألعاب القوة وألعاب القوى “مسابقات الميدان” بالمنطقة الشرقية “القطيف” تحديدًا وكرة اليد كذلك، وألعاب المضمار وجري المسافات المتوسطة والطويلة بالمنطقة الجنوبية، كما تميز نادي العربي من عنيزة في كرة اليد ولسنوات طويلة وهو خير مثال على ارتباط الرياضة بالمكون المكاني. أخيرًا فإنه من الملائم عند التخطيط لأي عملية تنمية للرياضة الأخذ بعين الاعتبار التحليل المكاني ووضع خريطة للتنوع المكاني في تنمية المواهب الرياضية.