|


النصر وآسيا.. حلم استيقظ فجأة

الرياض - إبراهيم الحمدان 2021.10.15 | 09:57 pm

بعد الثامنة مساءً، قبل 9,423 يوماً، كان فريق النصر الأول لكرة القدم، يلعب المباراة النهائية لمسابقة كأس آسيا للأندية أبطال الدوري «أبطال آسيا بالمسمى الجديد»، آنذاك اجتاز الأصفر المنظم وصاحب الملعب حاجز الـ90 دقيقة متعادلاً، ثم خسر اللقب بهدف ذهبي لسيونجنام الكوري محطماً أحلامه التي نسجها في أول مشاركة له في 1996.
أقل من عام واحد في أعقاب تلك الهزيمة الموجعة، كانت الفاصل لعودة الأصفر إلى البطولة ذاتها عام 1997، ومطاردة أمانيه الآسيوية، لتتسارع الخطى نحو القبض على الحلم الضائع ضد الكوريين، إلا أن صدمة أخرى تلقاها النصر عندما فقد بطاقة العبور إلى نصف النهائي بعد أن لعب في مجموعة إلى جانب الريان القطري، وبيرسبوليس الإيراني، والزوراء العراقي، وأمام الأخير خاض مباراته الأخيرة في المجموعة منهياً إياها بالتعادل السلبي، وعلى إثرها غادر البطولة.
مباراة الزوراء تلك، تحولت إلى الذكرى الأخيرة، ذكرى كبرت وأضيفت الأيام إلى عمرها يوم تلو آخر، حتى بلغت 14 عاماً، وهي لا تزال «المباراة الأخيرة» للنصر في البطولة الآسيوية الأضخم في القارية، حيث تجرع فريق الأمير عبدالرحمن بن سعود، وابنيه ممدوح وفيصل، المعاناة موسماً خلف موسم، منذ 1998 محلياً فاقداً فرص معانقة الألقاب.
ورغم أنه توشح ذهب كأس الكؤوس، ثم السوبر الأسيويين، وبعدها اللعب في كأس العالم للأندية الأولى من نوعها تاريخياً في البرازيل، إلا أن ذلك لم يكن كافياً للعودة إلى طريق المنصات، خسارات تكاثرت في منعطفات التحديات المحلية، وفي بعض الأحيان عربياً وخليجياً، مع اختلافات جماهيرية، وإدارية، تزايدت حتى بات النصر جريحاً، لا يملك إلا أن يتصدى بما تبقى له من قوى للهجمات في ساحة المنافسة، مكتفياً بالصمود في منتصف الترتيب أعوام طويلة دون محاولات حقيقية لنيل البطولات.
وبالعودة إلى مواجهة الزوراء في 1997، لم تعد هي الموعد الكروي الآسيوي الأخير للنصر بعد حلول الذكرى رقم 14 على التوالي، والسُبات الذي مر به الحلم القاري الأصفر كل تلك المدة، إذ نجح الأصفر في الحصول على المركز الثالث موسم 2010 دورياً برئاسة الأمير فيصل بن تركي، ليصبح أحد المتأهلين إلى دوري أبطال آسيا مجدداً.
الأول من مارس 2011، كان شاهداً على كسر سلسلة الغياب النصراوي عن البطولة الكبرى، عندها حل ضيفاً على باختاكور الأوزبكي، كما أنهى آخر مبارياته، دشن أول تحدياته بالتعادل.
المشاركة الصفراء، التي تمثل المرة الأولى له في الألفية الجديدة عبر دوري الأبطال، ذهبت إلى أدراج النسيان، على رغم نيله إحدى بطاقتي التأهل إلى دور الـ16، ولكنه هناك تلقى واحدة من أكبر هزائمه في البطولة من قبل ذوب آهن الإيراني الذي كسبه (4-1).
الحلم الآسيوي الأصفر دخل في نوبة سُبات جديدة، والمتغير في الغياب الجديد أنه قصير المدى قياساً بسابقه، فهو لم يدم سوى 4 مواسم شكلت كل المسافة الفاصلة بين كتيبة فيصل بن تركي الحائزة على لقب الدوري السعودي للمحترفين بعد 19 عاماً، ليظهر في صورة أخرى خلال «الآسيوية» بصفته بطلاً محلياً 2014، ولكنها أيضاً رحلت طي النسيان، إذ ودع المنافسات من دور المجموعات، والأمر ذاته تكرر في 2015: النصر يفوز بلقب الدوري السعودي، يشارك في دوري الأبطال القاري، ثم يغادر من دور المجموعات.
ومع التحدي القاري، حكايات فراق دائمة بين النصر والبطولة، مشهد مألوف لا يستنكره أحد، فلم يعد مستغرباً أن تنطلق المنافسات دون أن يكون الأصفر ضمن المكملين لعقد اللعبة، حصل ذلك مرة أخرى 2017، و2018، وفي النسخة الأخيرة، ارتبط الغياب لأسباب خارج إطار الملعب، إذ تمكن الفريق من الحصول على المركز الثالث دورياً وهو «المؤهل إلى البطولة»، ولكن ذلك لم يكن كافياً بعد إصدار الآسيوي قراراً بعدم اعتماد مشاركته كونه غير مؤهل لنيل الرخصة اللازمة.
الطموحات النصراوية في حدود البطولة القارية، لم تظهر بوضوح خلال أكثر من عقدين، بخلاف المشاركة الأولى التي بلغ فيها الفريق النهائي، مع تعثرات محلية دائمة، ومشاركات خجولة، وحتى كلمات فيصل بن تركي رئيس النادي يوماً ما عززت من ركود الطموح النصراوي، والقائل:« تأهلنا سابقاً إلى كأس العالم للأندية، سنعمل على العودة إلى الآسيوية، ولكننا حققنا أهم إنجاز في عام 2000».
في 2019 كان ضلعاً من أضلاع البطولة الآسيوية، في ذلك الوقت، سعود السويلم رئيس النادي، والبرتغالي روي فيتوريا مدرب الفريق، فضلا عدم المجازفة بجميع اللاعبين في البطولة الآسيوية، والمشاركة بعدد من اللاعبين الشبان، خصوصاً بعد خسارة أول مباراتين أمام الوصل وذوب آهن، وتسليط التركيز على مسابقة دوري كأس محمد بن سلمان.
أثمرت آلية الإدارة والجهاز الفني قبل عامين، وأنهى النصر الموسم بطلاً للدوري، وحاملاً بطاقة العبور إلى دوري الـ16 قارياً، إثر ملاحم كروية تصدى لها لاعبوه الواعدون، لا سيما مباراة الزوراء العراقي في البصرة، الشاهدة على فوز أصفر مثير بصم عليه نواف الفرشان في الوقت بدل الضائع.
وبعد احتفالات أخذت مداها الكامل للنصر صيفاً، حان موعد مباراة ذهاب ثمن النهائي أمام الوحدة الإماراتي، تعادل الأصفر ذهاباً (1-1)، ثم سجل انتصاره إياباً (3-2)، ومضى إلى دور الثمانية، وواجه السد القطري، ونجح في التفوق المباراة الأولى (2-1)، وهنا بدأ يلامس الفريق العاصمي وأنصاره لذة التقدم في البطولة الكبيرة، وانطلقت معدلات الطموح نحو الارتفاع، في وقت أوقف الفريق القطري كل مشاهد الأمنيات النصراوية، وأقصاه عندما حان لقاء الرد بفوزه (3-1).
بطولة 2019 والتي توج بها الهلال غريم الأصفر التاريخي، ولّدت طاقة إضافية للحلم الأصفر النائم أكثر من 20 عاماً، دقت الساعة 2020 ليستيقظ الحلم بكامل قواه وجموحه فجأة، كل شيء في البيت النصراوي يعمل وينشط من أجل ملامسة اللقب القاري.
نسخة 2020 تماشت مع النصر كما أراد، اجتاز كل العقبات، أطاح بالفرق واحداً تلو الآخر، حتى حان موعد نصف النهائي ضد بيرسبوليس، الحلم يقترب من التحقق، والمباراة تنطلق، يتقدم النصر، وكل شيء يبدو في المسار الصحيح، قبل أن تباغت رأسية إيرانية الأسترالي جونز، قبل الأصفر هدف التعادل، بل أنه كان هدف الخسارة، إذ استمر التعادل حتى لجأ الطرفان إلى ركلات الترجيح، ليضع الإيراني من خلالها حداً لمسيرة منافسه، ويعيد أحلامه أدراجها.
أما بطولة 2021، فهي خيار ليس مريحاً، إذ يزاحمه على الطريق ثلاثة، الوحدة الإماراتي منافسه في دور الثمانية، والهلال غريمه أو بيرسبوليس قاهره في 2020، الجميع يلهث خلف حلم واحد، ربما تتفاوت الرغبة بين فريق وآخر، ولكن الحلم الأصفر والمستيقظ للتو قد يعد الأكبر قياساً بمال طائل رصدته إداراته تحضيراً للبطولة، ومدربين رحل منهم من رحل، وجاء من جاء، في سبيل ترويض ما ينسجه خيال كل محب للأصفر منذ 2019.
التحدي النصراوي الجديد، المدجج بالحلم الذي يكبر ويكبر كل يوم، سيتأجل القتال سعياً لملامسته إلى 2023 حال خسارته في 2021، نظير فشله في الحصول على بطاقة تضمن له المشاركة في نسخة 2022، فإما الفوز ومعانقة الحلم، أو تلقي جرعة أخرى من الغياب، وإن كانت لعام واحد.